عليه التي يتضمن لسان دليل جعلها الكشف عنه وبيانه بها.
ومن هنا كان اللازم العمل على الأدلة المذكورة ، لعدم منافاتها لأدلة الأحكام الواقعية بوجه حتى في مورد الخطأ ، لعدم اقتضائها جعل حكم في قبال الحكم المجعول فيها. بل التعبد بها في مقام العمل وإحرازها إثباتا ، مع الفراغ عن مقام الثبوت والجعل وفي رتبة متأخرة عنه ، فالخطأ فيها كالخطأ مع القطع لا ينافي الحكم الواقعي بوجه ، كما لا ينافي دليله.
وكأن هذا هو مراد بعض الأعاظم قدّس سرّه من الحكومة الظاهرية ، وإلا فالحكومة عندهم من حالات الدليلين المتعارضين ، ولا تعارض بين الأدلة في المقام لا واقعا ولا ظاهرا ، كما لا يخفى.
وبما ذكرنا يظهر ارتفاع إشكال اجتماع الحكم الواقعي والظاهري من أصله. ويأتي تمام الكلام في ذلك في مبحث التعبد بغير العلم إن شاء الله تعالى.
وأما الثاني فهو منحصر ظاهرا بأصالتي البراءة والاحتياط الشرعيين ، فإنهما وإن تضمنتا العمل ، إلا أن العمل المذكور ليس بتوسط البناء على ما يقتضيه ، لعدم تضمنهما التعبد بثبوت الحكم الترخيصي أو التكليفي ، بل لجعل العمل في حال الشك من حيث هو.
ولا إشكال في البراءة ، لأنها على مقتضى حكم العقل فمفاد أدلتها إما إمضاء لحكمه بقاعدة قبح العقاب من غير بيان ، أو بيان عدم جعل وجوب الاحتياط.
وإنما وقع الإشكال في الاحتياط ، لأن المرتكز عرفا كون العقاب معه في ظرف المخالفة على الواقع المفروض عدم بيانه ، فيكون العقاب منافيا لقاعدة قبح العقاب بلا بيان ، وقد أطال الأعاظم (قدس الله أسرارهم) في توجيه ذلك.
ولعل الأولى أن يقال : التأمل في المرتكزات العقلية قاض بأنه كما يكون للحاكم جعل الحكم ثبوتا ، ويكون له التعبد به في ظرف الشك فيه ..