الفصل الثالث
في حجية الإجماع المنقول
لا يخفى أن الكلام في هذه المسألة متفرع على القول بحجية خبر الواحد ، حيث قد يدعى أن حجية خبر الواحد تستلزم حجية نقل الإجماع بخبر الواحد ، لأنه من أفراده ، فكان المناسب التعرض لها بعد الكلام في ذلك ، إلا أن شيخنا الأعظم قدّس سرّه حيث حررها هنا وتبعه جماعة ممن تأخر عنه تابعناهم في ذلك.
هذا ، وينبغي تقديم امور تنفع في تحرير الكلام ..
الأمر الأول : اشتهر ذكر الإجماع في أدلة الاحكام في كلمات أهل الاستدلال ، وقد صرّح أصحابنا بأن الإجماع ليس حجة بنفسه ، بل الملاك في حجيته موافقة المجمعين للإمام عليه السّلام فالحجة قوله ، لا أقوالهم ، إذ لا مرجع للامة بعد النبي صلّى الله عليه وآله إلا الكتاب الكريم والعترة الطاهرة ، ولا عبرة بأقوال الامة اذا خالفتهما.
نعم ، قد يستكشف قوله عليه السّلام من أقوالهم ، فلا أثر لاقوالهم إلا من حيث الكشف عن الحجة.
الأمر الثاني : بعد ما عرفت من أن حجية الإجماع منوطة باتفاق الإمام عليه السّلام من المجمعين فإحراز رأيه عليه السلام يكون بأحد وجوه ..
الاول : العلم برأيه عليه السّلام بطريق الحس أو بطريق ملحق بالحس ، كالتواتر.
الثاني : إحرازه حدسا بقاعدة اللطف ، التي حكي عن الشيخ قدّس سرّه البناء