أبدا.
وأما وجوب دفع الضرر المظنون بل المحتمل شرعا المستتبع للعقاب بدونه فهو مختص ببعض الأضرار ، كتلف النفس والطرف ، ولا يعم كل ضرر ، خصوصا الأضرار النوعية ، فلو فرض ملازمة الظن بالتكليف للظن بالأضرار المذكورة تعين وجوب مراعاة الظن المذكور ، بل يجب في مثله مراعاة مطلق الاحتمال وإن لم يكن ظنا ، من دون فرق بين الشبهة الموضوعية والحكمية. إلا أن هذا فرض نادر خارج عن محل الكلام ، ولا ينفع في جعل مقتضى القاعدة العلم بالظن.
هذا ، مع أن الوجه المذكور ـ لو تم ـ إنما يقتضي لزوم العمل بظن التكليف ، لا الظن بعدمه ، ولا الظن بالأحكام الوضعية ، إلا من حيث استتباعهما للظن بالتكليف. فلو ظن بملكية قدر الاستطاعة ـ مثلا ـ لم يقتض الوجه المذكور إلا وجوب الحج ، دون جواز التصرف فيه ، بل مقتضى أصالة عدم تملكه حرمة التصرف ، وهذا قد يوجب الحرج.
الثاني : أنه لو لم يؤخذ بالظن لزم ترجيح المرجوح على الراجح ، وهو قبيح.
وفيه : ـ مع أن مقتضاه الرجوع للظن حتى في الشبهة الموضوعية ، بل امتناع نصب الحجة على خلافه ـ أن قبح ترجيح المرجوح على الراجح إنما يقتضي العمل بالظن إذا تعلق الغرض بتحصيل الواقع.
فإن كان المراد بالوجه المذكور استكشاف حكم الشارع بحجية الظن فهو موقوف على كون ظن المكلف هو الأقرب والأرجح بنظر الشارع ، وعلى تعلق غرضه بحفظ التكاليف الواقعية وتحصيلها.
ولا طريق لإثبات الأول ، لإمكان علمه بكثرة خطأ المكلف في ظنه ، كما يشهد به في الجملة ما ورد في القياس من أن ما يفسده أكثر مما يصلحه.