والإنصاف أنها على أهميتها لا توجب العلم التفصيلي بصدور كل خبر من الأخبار المذكورة ، ولا سيما مع بعد زماننا عن زمان الصدور والتدوين واضطراب كثير من الأخبار ، فإن ذلك يفتح باب الشك ، ولا طريق لسده.
نعم ، التأمل في القرائن المذكورة وغيرها يوجب العلم الإجمالي بصدور أكثر الأخبار ، بحيث لو فرض عدم صدور بعضها فهو قليل جدا ؛ وهذا لا يغني عن النظر في أدلة الحجية إثباتا أو منعا. فراجع وتأمل جيدا.
ثم إن الكلام في هذه المسألة يقع في مقامات ..
الأول : في حجج النافين مطلقا.
الثاني : في حجج المثبتين في الجملة.
الثالث : في تحديد ما هو الحجة حسبما يستفاد من أدلة الحجية بعد الفراغ عن دلالتها في الجملة.
وهو من أهم مباحث المسألة ، وإنما لم نلحقه بالمقام الثاني خوفا من اضطراب الكلام ، لكثرة الأدلة المستدل بها ، مع الاشكال في أصل دلالتها على الحجية ، وفي تحديد مدلولها بعد الفراغ عن ذلك ، فيصعب الكلام في كلا الأمرين في مقام واحد ، والظاهر أن فصلهما معين على تيسير بيان المقصود ، وسهولة تفهمه. ومنه تعالى نستمد العون والتوفيق ، وعليه نتوكل في الكلام في هذه المسألة المهمة ، إنه ولي الامور ، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
المقام الأول : في حجج النافين ..
فقد حكي القول بعدم حجية خبر الواحد مطلقا عن جماعة من الأعيان ، كالسيدين والقاضي والطبرسي وابن إدريس ، بل ربما نسب إلى المفيد والشيخ (قدس سرهما) ، وحيث كان عدم الحجية هو المطابق للأصل ، فهو لا يحتاج إلى الاستدلال ، إلا أنه قد ينفع الاستدلال من حيث انه لو تم كان مانعا من أدلة المثبتين أو معارضا لها لو كانت تامة فى أنفسها.