وكيف كان ، فقد استدل لعدم حجيته بالأدلة الأربعة ..
الأول : الكتاب المجيد ، حيث تضمن كثير من الآيات الشريفة عموم النهي عن القول بغير علم ، والعمل بالظن ، ومع الجهل ، ومنها عموم التعليل في آية النبأ ، كما استدل به الطبرسي قدّس سرّه في مجمع البيان.
والجواب عن ذلك ما تقدم في تقرير أصالة عدم الحجية من عدم نهوض العمومات المذكورة ببيان عدم الحجية واقعا في جميع ما لا يفيد العلم بنحو يعمّ خبر الواحد. على أنها لو تمت فهي عمومات قابلة للتخصيص بما يأتي إن شاء الله تعالى من أدلة حجية خبر الواحد.
ودعوى : إبائها عن التخصيص ، مساوقة لدعوى : دلالتها على أمر ارتكازي عرفي ، لا أمر تعبدي محض من قبل الشارع ، وهو مناسب لحملها على الإرشاد لما يحكم به العقل من لزوم انتهاء العمل للعلم ولو بالحجية ، فلا تنافي حجية بعض الامور غير العلمية ، لتنفع في ما نحن فيه ، كما تقدم هناك أيضا. وأما عموم عدم حجية غير العلم واقعا فهو أمر تعبدي صرف غير آب عن التخصيص ، فلا مانع من تخصيصه بأدلة الحجية الآتية.
نعم ، هذا في غير سيرة العقلاء من أدلة الحجية ، وأما السيرة فالظاهر عدم نهوضها بتخصيص الآيات ـ لو فرض دلالتها على عدم الحجية ـ بل ربما يدعى أنه لو تمت دلالة الآيات كانت رادعة عنها على ما يأتي الكلام فيه إن شاء الله تعالى عند الاستدلال بالسيرة على حجية الخبر.
وأما ما ذكره المحقق الخراساني قدّس سرّه من أن الظاهر من الآيات المذكورة أو المتيقن من إطلاقها هو النهي عن اتباع غير العلم في الأصول الاعتقادية لا ما يعم الأحكام الفرعية.
فهو لو تم في بعض الآيات لا يتم في جميعها ، فإن ظاهر بعضها سوق العموم المذكور مساق التعليل أو الكبرى العامة ، كقوله تعالى : (وَما لَهُمْ بِهِ مِنْ