الأول : أن في مخالفة الظن بالحكم الوجوبي أو التحريمي مظنة الضرر ، ودفع الضرر المظنون لازم.
وفيه : ـ مع أن لازمه وجوب مراعاة مطلق احتمال التكليف وإن لم يكن ظنا ، بل وإن كان على خلافه حجة ، بناء على ما هو التحقيق من لزوم دفع الضرر المحتمل وإن لم يكن مظنونا. ووجوب مراعاة الظن حتى بالموضوع ، لا خصوص الظن بالحكم الكلي ، ولا قائل بهما ـ أن المراد بالضرر إن كان هو العقاب فهو ليس من لوازم التكليف الواقعية ، ليلزم من الظن بالتكليف الظن به ، بل هو من لوازم تنجز التكليف ـ بحجة أو بإيجاب الاحتياط فيه ـ فيتوقف ظن العقاب على تنجز التكليف بالظن في مرتبة سابقة ، ولا يكون بنفسه موجبا لتنجزه به ومقتضيا لحجيته.
وإن كان هو الأضرار الواقعية الملازمة للتكليف ، لما عليه العدلية من تبعية التكاليف للمصالح والمفاسد الملزمة ، فيلزم من مخالفتها الوقوع في المفاسد وتفويت المصالح المذكورة ، وهو نحو من الضرر.
ففيه : ـ مع ابتنائه على تبعية الأحكام للمصالح والمفاسد في المتعلقات ، لا للمصالح في الأحكام أنفسها ـ أن وجوب دفع الضرر المظنون والمحتمل عقلا حكم طريقي ، لتجنب الضرر الواقعي ، فلا يلزم من مخالفته إلا الوقوع في الضرر الواقعي على تقدير إصابة الظن أو الاحتمال ، وليس الواجب إلا دفع الضرر الواقعي.
وحينئذ نقول : وجوب دفع الضرر الواقعي عقلا ليس كوجوب الإطاعة يرجع إلى حكم العقل باستحقاق العقاب بالإقدام عليه ولا كوجوب العدل ، وحرمة الظلم يبتني على التحسين والتقبيح العقليين ، ليكون مستلزما لوجوبه شرعا ، بناء على الملازمة بين الحكم العقلي والشرعي ، كي يكون الظن بالضرر مستلزما للظن بالعقاب.