بملاك لزوم دفع الضرر ، الذي قد يكون معلوما ، كما في شرب ما يعلم كونه سما وقد يكون محتملا ، كما في موارد التكاليف الشرعية ، حيث أنه مخالفتها توجب استحقاق العقاب ، لا فعليته ، لإمكان العفو.
الثالث : أن موضوع الآثار العملية من حسن العمل أو قبحه هو الواقع المقطوع به ، لأنه موطن الأغراض والملاكات المقتضية للحسن والقبح ، ولذا لا يكون القطع مأخوذا في الكبريات العقلية ، بل موضوعها الواقع بنفسه وليس القطع إلا شرطا في فعلية العمل ، لكونه محققا لشرط تعلق الاختيار به ، فهو شرط في ترتيب العمل على الصغرى ، لا شرط في موضوع الكبرى.
نعم ، حيث كان العمل في الصغرى تابعا للاختيار ، وكان الاختيار منوطا خارجا بالالتفات للجهات المقتضية للعمل ـ كما ذكرنا ـ كان العمل تابعا للقطع بنفسه وإن لم يصب الواقع ، بل كان جهلا مركبا ، لتحقق شرط الاختيار به ، وبهذا يكون القطع دخيلا في الحسن والقبح الفاعليين المستتبعين لفعلية المدح والذم ، والمسببين عن العمل على طبق مقتضى الحسن والقبح الفعليين وعن مخالفته.
وكأن هذا هو مراد بعض الأعيان المحققين قدّس سرّه في المقام ، وإن كان تقرير كلامه قد يوهم خلاف ذلك ، وأن القطع هو تمام الموضوع للحسن والقبح الفعليين في الكبرى.
وهو كما ترى! لأن أخذه في الكبرى مستلزم لأخذه في الصغرى لينطبق موضوع الصغرى على موضوع الكبرى ، وقد عرفت أنه مغفول عنه في مقام العمل ، وليس الالتفات إلا للواقع المقطوع به ، وهو الذي يكون موضوع الملاك والغرض.
الرابع : أنه لا مجال لإطلاق الحجة على القطع بالإضافة إلى الأحكام الشرعية ، لا بالمعنى المنطقي ، ولا بالمعنى الأصولي.