المبحث الأول
في حجية الظواهر في حق من لم يقصد بالافهام
فعن المحقق القمي قدّس سرّه اختصاص الحجية بمن قصد بالإفهام. وربما يحمل عليه كلام صاحب المعالم قدّس سرّه في الدليل الرابع على حجية الخبر.
وحاصل ما يستدل به لذلك : أن أصالة الظهور مبنية على أصالة عدم الغافلة المعول عليها عند العقلاء في جميع أمورهم ، فكلما احتمل إرادة المتكلم لخلاف ظاهر كلامه إما لغافلته عن إقامة القرينة ، أو لغافلة السامع عن القرائن المكتنفة بالكلام ، فلا يعتنى بالاحتمال المذكور ، لأصالة عدم الغافلة منهما.
أما لو لم يبتن احتمال إرادة خلاف الظاهر على احتمال الغافلة منهما فلا دليل على حجية الظهور في معرفة مراد المتكلم. وحينئذ فحيث لم يكن وظيفة المتكلم تفهيم كل أحد ، بل تفهيم خصوص من يقصد افهامه ، وله تعمد إخفاء المراد عن غيره ، فلا مجال لحجية الكلام في حق من لم يقصد بالإفهام ، لاحتمال اختصاص من قصد بالإفهام بقرينة لم يطلع عليها غيره ، ولا يكون عدم اطلاعه عليها ناشئا عن غفلته ، ولا عن غفلة المتكلم ، ليدفع الاحتمال المذكور بالأصل ، بل لعدم حدوث الداعي للمتكلم في اطلاعه على القرينة ، ولا دافع للاحتمال المذكور.
وفيه : ـ كما ذكره شيخنا الأعظم قدّس سرّه وغيره ـ أن بناء العقلاء وأهل اللسان على العمل بالظواهر لا تبتنى على خصوص أصالة عدم الغافلة ، بل الأصل عندهم عدم الصارف عن ظاهر الكلام مطلقا بعد الفحص عنه في مظانه ، من