الحجة بالغائه ورفعه تعبدا وشرعا اللازم من تتميم الكشف.
ثم إنه حيث كان ما ذكرنا في معنى الحجية هو المرتكز عرفا في الطرق والأمارات لزم حمل أدلة اعتبارها على اختلاف ألسنتها على ذلك ، كما أشرنا إليه في الوجهين الأولين. فتأمل جيدا.
هذا كله في مفاد أدلة جعل الطرق ، وأما أدلة الأصول فهي قسمان :
الأول : ما يتضمن التعبد بالعنوان الحكمي كالحل والطهارة ، أو الموضوعي كعدم التذكية.
الثاني : ما لا يتضمن ذلك ، بل يقتضي العمل في ظرف الشك من دون توسط التعبد المذكور.
أما الأول فكالاستصحاب وأصالتي الحل والطهارة وغيرها.
وقد ذكر المحقق الخراساني قدّس سرّه في حاشية الرسائل أن مفاد أدلته أحكام حقيقية ، قال : «وأما الأصول التعبدية ـ كأصالة الإباحة ، والطهارة ، والاستصحاب في وجه ـ فهي أحكام شرعية فعليه حقيقية ، بداهة أن : كل شيء حلال إباحة فعلية وترخيص حقيقي في الاقتحام في الشبهة من الشارع ، كالترخيص في المباحات الواقعية ، والتفاوت بين الترخيصين بكون موضوع أحدهما الشيء بعنوانه الواقعي ، وموضوع الآخر بعنوان كونه مجهول الحكم لا يوجب التفاوت بينهما بالحقيقة والصورة ، كما لا يخفى».
وهذا هو الظاهر من كثير منهم ، ومن ثمّ توجه الإشكال في جمع الحكم المذكور مع الحكم الواقعي.
هذا ، ولكن ارتكاز التنافي بين جعل الحكم في ظرف الشك مع إطلاق موضوع الحكم الواقعي ـ المستفاد من الغاية التي تضمنتها الأدلة المذكورة ، لظهورها في أن العلم بالواقع طريق محض لا دخل له في الحكم الواقعي أصلا ـ مانع من ظهور الأدلة المذكورة في جعل الحكم في ظرف الشك ، بل هي ظاهرة