الحكمية.
ومن الظاهر أنه لم يثبت من قبل الشارع الأقدس طريق أو أصل آخر متبع في خصوص حال الانسداد. فلا بد من الرجوع للعقل في تشخيص مما ينبغي العمل عليه لو فرض عدم الرجوع للأصول المتقدمة.
ثم إن شيخنا الأعظم قدّس سرّه تعرض في هذه المقدمة لامتناع الرجوع للتقليد ، للإجماع ، وقصور أدلة مشروعية التقليد عنه ، لاختصاصها بالجاهل العاجز عن الفحص ، دون المجتهد الذي استكمل الفحص وخطّأ المفتي في دعواه الانفتاح.
فإن كان مراده منع كونه من الطرق المجعولة بالخصوص كالخبر ، فما ذكره في وجهه وإن كان متينا ، إلا أن امتناعه ينبغي أن يكون مفروضا في المقدمة السابقة المتضمنة لانسداد باب العلم والعلمي.
وإن كان مراده منع الرجوع إليه في فرض الانسداد وتعذر الرجوع للطرق المعروفة ، فدليله لا ينهض بذلك إذ هو كأدلة المنع من الرجوع للظن لا ينافي الرجوع إليه في فرض الانسداد.
فالأولى أن يقال : إنه لم يثبت من الشارع جعله في حال الانسداد ، كما أشرنا إليه. وهو كاف في هذه المقدمة. هذا تمام الكلام في المقدمة الثانية.
وأما المقدمة الثالثة : فتشكل بما تقدم في الوجه الثاني من الوجوه العقلية لحجية مطلق الظن من أن قبح ترجيح المرجوح على الراجح مختص بما إذا تعلق الفرض بإصابة الواقع ، وهو غير ظاهر في المقام ، فإن غرض الشارع بمقتضى عدم جواز الإهمال وإن كان هو امتثال الحكم الواقعي ، إلا أنه في مقابل الإهمال المطلق ، لا الاهتمام به على كل حال بنحو يقتضي تحصيله مهما أمكن وبأقرب الطرق.
مع أنه إنما يقتضي تعيين الظن إذا كان ظن المكلف أرجح وأقرب بنظر الشارع ، وهو ممنوع ، كما تقدم أيضا.