وأما الاستصحاب فلا مجال للرجوع إليه لو كان نافيا للتكليف ، للعلم الإجمالي بمخالفته للواقع في كثير من الموارد ، لكثرة موارد الاستصحاب المذكور ، حيث انه يجري في أكثر موارد الرجوع للبراءة ، فيمتنع الرجوع إليه ، إما لقصور دليله عن شمول صورة العلم الإجمالي ، أو لسقوطه بالمعارضة ، أو للزوم المخالفة للتكليف المعلوم بالإجمال ، على ما ذكر في مبحث الاستصحاب.
وكذا لو كان مثبتا للتكليف لو فرض كثرة موارده بسبب انسداد باب العلم بنحو يعلم إجمالا بمخالفته في بعضها للواقع بناء على أن العلم الإجمالي مانع من الرجوع للاستصحاب مطلقا.
أما لو فرض عدم العلم الإجمالي بمخالفة بعض الاستصحابات المثبتة للتكليف للواقع لقلتها ، أو عدم مانعية العلم الإجمالي من الرجوع للاستصحاب المثبت فالمتجه الرجوع اليه.
وليست كثرة موارده بنحو يفي بمعظم المسائل ليمنع من تمامية هذه المقدمة ، كما أنها ليست بنحو يلزم من الرجوع إليه محذور اختلال النظام أو العسر والحرج بنحو يكشف عن تخصيص دليله ، وليس هو كالاستصحاب النافي للتكليف.
ومنه يظهر أنه لو فرض تمامية دليل الانسداد واقتضاؤه حجية الظن فلا مجال لرفع اليد به عن الاستصحاب المذكور ، بل هو متأخر عنه رتبة. وليس هذا من باب رفع اليد بالأصل عن الدليل ، بل من باب ارتفاع موضوع الدليل بالأصل ، كما تقدم نظيره في الاحتياط.
وأما أصالة التخيير فالعقل إنما يحكم بها في الدوران بين محذورين كالوجوب والحرمة ، أما مع تعذر الاحتياط لجهة اخرى فلم يتعرضوا للرجوع إليها. ويأتي في المقدمة الثالثة تمام الكلام فيها إن شاء الله تعالى.
هذا تمام الكلام في الأصول المعروفة التي يرجع إليها في الشبهات