كما أنه تقدم في مبحث جواز نصب الطرق غير العلمية إنكار الثاني ، وأنه قد لا يتعلق غرض الشارع بتحصيل التكاليف الواقعية لاجل بعض المزاحمات المانعة منه.
وإن كان المراد به إلزام المكلف بالعمل به تحصيلا للتكاليف الواقعية وإن لم يكن حجة شرعا ، فهو موقوف على تعلق غرضه بتحصيل الواقع ، ولا وجه له بعد جعل الأصول المؤمنة له مع فرض عدم الحجة.
نعم ، لو فرض تنجز الواقع عليه على كل حال ـ كما لو قصر في الفحص في موارد الدوران بين محذورين ، أو اضطر بسوء الاختيار إلى ارتكاب أحد أطراف الشبهة التحريمية المحصورة ـ لزمه عقلا متابعة الظن بالتكاليف ، لما ذكر من قبح ترجيح المرجوح على الراجح.
ومنه يظهر أن الوجه المذكور لا ينهض بجواز متابعة الظن بعدم التكليف ، إذ لا غرض في متابعة عدم التكليف ، لا للشارع ولا للمكلف ، بل يتجه الرجوع فيه للأصول أو الأدلة ، وقد يلزم من ذلك الحرج ، كما تقدم في الوجه الأول.
هذا ، مع أن الاجتزاء بالراجح في فرض تعلق الغرض بتحصيل الواقع موقوف على تعذر العلم بتحصيل الواقع ولو بالاحتياط كما تقدم في المثالين السابقين ، وهو مبني على ما يأتي في دليل الانسداد.
ومن ثمّ قيل إن هذا الوجه مقدمة من مقدمات الدليل المذكور. فلاحظ.
الثالث : هو الدليل المعروف بدليل الانسداد ، وهو مركب من مقدمات اختلف الاعيان في تعدادها ، والظاهر أن عمدتها ثلاث ..
الاولى : انسداد باب العلم والعلمي بالحكم الشرعي.
الثانية : عدم إمكان الرجوع للأصول الشرعية والعقلية المقررة للجاهل بالأحكام من البراءة والاحتياط وغيرهما وعدم ثبوت غيرها من الشارع الأقدس.