وفيه : أن الاعتماد على مثل هذا الظهور في مثل هذه الأمور غير ظاهر الوجه ، لانصراف ادلة الحجية في الظهورات وغيرها إلى الحجية في مقام العمل ، وترتب العقاب لا دخل له بعمل المكلف.
هذا ، مع ظهور غير واحد من النصوص في ثبوت العقاب بفعل مقدمات الحرام ، فتدل على ثبوته في التجري بالأولوية ، مثل ما ورد من أنه إذا تلاقى المسلمان بالسيف فالقاتل والمقتول في النار ، معللا دخول المقتول النار بأنه أراد قتل صاحبه ، وما ورد في عقاب غارس الخمر وعاصرها ومعتصرها (١) ، فإنه شامل لمن يعصرها لشرب نفسه ، مع وضوح كون العقاب حينئذ بملاك القصد إلى المعصية ، وكذا ما ورد في الماشي بالنميمة (٢) وغير ذلك ، فحمل نصوص عدم العقاب على خصوص العزم غير المستتبع للعمل الحاصل في الصورة السادسة ، وعدم شمولها للصورة السابعة والثامنة قريب جدا.
ثم إن عدم العقاب الذي تضمنته النصوص المتقدمة لا ينافي استحقاقه ، الذي هو محل الكلام ، لإمكان كونه من باب العفو والتفضل منه تعالى.
نعم ، قد ينافيه خبر مسعدة بن صدقة عن الصادق عليه السّلام : «لو كانت النيات من أهل الفسق يؤخذ بها أهلها إذا لاخذ كل من نوى الزناء بالزناء ، وكل من نوى السرقة بالسرقة ، وكل من نوى القتل بالقتل. ولكن الله عدل كريم ليس الجور من شأنه ، ولكنه يثيب على نيات الخير أهلها وإضمارهم عليها ، ولا يؤاخذ أهل الفسق حتى يفعلوا» (٣) ، لظهوره في أن مؤاخذة أهل الفسق بنياتهم جور ينافي عدله تعالى ، وجزاء أهل الخير على نياتهم تفضل يناسب كرمه عزّ اسمه.
__________________
(١) راجع الوسائل ج ١٧ : ٣٠١ باب : ٣٤ من أبواب الاشربة المحرمة.
(٢) راجع الوسائل ج ٨ : ٦١٦ ، باب : ١٦٤ من أبواب أحكام العشرة من كتاب الحج. لكن لا يبعد ظهور النصوص المذكورة في حرمة نفس النميمة ، لا في ترتب العقاب على المشي إليها مع قطع النظر عن ترتبها ، إذ لا يبعد كون المراد بالماشي بالنميمة هو النمام لا غير. (منه)
(٣) الوسائل ج ١ : ٤٠ باب : ٦ من أبواب مقدمة العبادات حديث : ٢١.