تسالم الأصحاب على العمل به ، وعدم طعنهم فيه من جهة السند ، وتدوينهم له في اصولهم المعدّة لأخذ الأحكام ، خصوصا مع تعدد طرقهم إليه وغير ذلك.
وأن حجية القسم الأول هي المتيقن من الأدلة. وأن الأخبار قد تنهض بإثبات الثاني والثالث أيضا. وأما سيرة الأصحاب والعقلاء فهما ينهضان بإثبات حجية الأقسام الأربعة كلها.
ومن هنا فقد يستدل على حجية القسم الرابع بمنطوق آية النبأ ، بدعوى : أن المراد من التبين فيها ليس خصوص التبين الموجب للعلم ، بل ما يعم الموجب للوثوق ، بقرينة التعليل بالندم المختص بما اذا كان العمل مخالفا للطريق العقلائي ، دون المقام ، لما عرفت من اكتفاء العرف في مقام العمل بخبر غير الثقة بوجود القرائن الموجبة للوثوق بصدقه ولو في خصوص ذلك الخبر.
بل قد يتمسك لأجل ذلك بالآية لإثبات حجية بقية الأقسام ، كما ذكرناه عند الكلام في وجوه الاستدلال بالآية.
لكنه يشكل : بأن الإطلاق المذكور لا مجال له في خصوص مورد الآية الشريفة ، وهو الشبهة الموضوعية ، خصوصا ما يوجب القتل ، كالارتداد.
والالتزام بكون التقييد فيه مستفادا من أدلة خارجية ولا يمنع من التمسك بالاطلاق في سائر الموارد ـ كما في المقام ـ بعيد جدا عن المرتكزات العرفية في مقام فهم الكلام.
فلا يبعد سوق التعليل لمحض التبكيت والتأنيب للمخاطبين ، لأن خروجهم عن الطريق العقلائي ادعى للاستنكار وأوقع فيه ، لا لبيان المعيار في الحجية ، ليمكن التمسك بإطلاقه ، لإثبات الاكتفاء بالتبين غير العلمي تبعا لسيرة العقلاء.
وقد تقدم عند الكلام في مفاد التعليل في الآية ما ينفع في المقام. فتأمل جيدا.