بقي في المقام أمران ..
الأول : أنه لا يبعد اختصاص بناء العقلاء على العمل بخبر الثقة بما إذا لم تقم قرائن تشهد بكذبه ، وعدم صدوره بحيث توجب الريب فيه عرفا ، وقد تقدم نظير ذلك في مبحث حجية الظواهر.
وربما يبنى على ذلك ما اشتهر من وهن خبر الثقة بإعراض الأصحاب عنه ، حتى قيل : إنه كلما ازداد السند قوة زاد وهنا بإعراضهم.
لكن الظاهر أن إعراض الأصحاب لا يوجب الوهن في السند بحيث يرتفع الوثوق معه بصدور الخبر ، بل هو موجب لارتفاع الوثوق بظهوره ، كما تقدم في مبحث حجية الظواهر.
وإلا فمن الصعب جدا التشكيك ، في صدور الروايات التي يرويها أعاظم الأصحاب بأسانيد عالية ، خصوصا مع إيداعها في الأصول المعدّة لأخذ الأحكام ونحوهما مما يعلم من حال مؤلفيها تحري خصوص ما يوثق بصدوره.
الثاني : أنه حيث كان من عمدة أدلة المقام هو سيرة العقلاء على العمل بخبر الثقة فمن الظاهر أنه لا يفرق في السيرة المذكورة بين الروايات وغيرها ، وذلك يقتضي عموم حجية خبر الثقة ما لم يثبت الردع عنه في خصوص مقام.
وعليه يبتني الاكتفاء في توثيق رجال السند بتزكية الواحد إذا كان ثقة أو قامت القرائن على صدقه. ولا يعتبر فيه العدالة ، فضلا عن التعدد.
هذا تمام ما تيسر من الكلام في حجية خبر الواحد. نسأله تعالى أن يكون وافيا بالمقصود ، وأن يعصمنا من الزلل في القول والعمل. والحمد لله رب العالمين.