في مورد أصالة التخيير مطلقا ، وفي غيره في العبادات بناء على لزوم نية الوجه مع الامكان فيها ـ فإن الدليل المذكور يكون مانعا من الرجوع للأصول العملية. ومن ثمّ كان ما ذكرنا في بيان حكم الصورة الثالثة أولى.
السادس : أن الكبرى المذكورة في التقسيم المتقدم حيث كانت بديهية ـ لما سيأتي من بداهة وجوب متابعة القطع ، وكذا الحجة والأصل العملي في موردهما ، لأنه مقتضى جعلهما ـ فالمهم تشخيص موضوعها وصغرياتها ، وحيث كان تشخيص موارد القطع وضبطها متعذرا ، لأنه أمر حقيقي تابع لأسبابه التكوينية غير المنضبطة ، لم يقع موردا للكلام في المقام ، واختص الكلام بتشخيص الحجج ومفاد الأصول العملية ومواردها ، ليرجع إليها مع عدم القطع ، فإنها لما كانت تابعة لجعل الشارع وحكم العقل تيسر ضبطها ، تبعا لما يستفاد من أدلتها.
ومن هنا كان الغرض المقصود بالأصل للأصولي ـ الباحث عن طرق استنباط الأحكام الشرعية الواقعية التي هي مفاد الحجج ، والظاهرية التي هي مفاد الأصول ـ البحث في مقامين ..
الأول : في مباحث الحجج.
الثاني : في مباحث الأصول العملية شرعية كانت أو عقلية.
كما أن المناسب لهذا القسم من مباحث الأصول التعرض هنا لبعض المباحث المتعلقة بالقطع ، تبعا لغير واحد لأنه مثلها في الحجية ولزوم المتابعة.
وبعض هذه المباحث ليس مختصا بالقطع ، بل يعم غيره من الحجج والأصول ، لكن لا من حيثية تشخيص مواردها ـ الذي هو الغرض الأصلي للمقام ، كما عرفت ـ بل بلحاظ الأحكام اللاحقة لها في ظرف قيامها وجريانها ، كالبحث عن التجري ، وعن مقتضى العلم الإجمالي ، وتقسيم القطع إلى الطريقي والموضوعي ، كما سيتضح إن شاء الله تعالى.