وإن شئت قلت : الدليل المذكور إن شمل صورة غير العلم كشف عن جعل الحجية شرعا فيها ، وإن اختص بصورة العلم ـ ولو بقرينة عمومات عدم حجية غير العلم ـ كشف عن عدم جعلها ، بل كون الأمر بالعمل حينئذ إرشادا لحكم العقل به ، والظاهر أن أدلة حجية الخبر ومنها آية النبأ من القسم الثاني ، ولذا ورد في بعض النصوص الاستدلال بآية النفر على وجوب النفر لمعرفة الإمام ، مع أنه يعتبر في معرفته العلم.
وأما ما ذكره بعض الأعاظم قدّس سرّه من أنه لا مجال لذلك في آية النبأ ، لأن المفهوم فيها لما كان تابعا للمنطوق كان مختصا بالخبر الذي لا يفيد العلم تبعا له.
فيدفعه : أن ذلك موقوف على سوق الآية للمفهوم ، وظهورها فيه وإن كان مفروضا في محل الكلام ، إلا أنها حيث كانت منافية لعموم ما دل على عدم حجية غير العلم ، فكما يمكن الجمع بينها وبينه بتخصيصه بها ، كذلك يمكن الجمع برفع اليد عن ظهورها في المفهوم بحمل ذكر الفاسق فيها على كونه لمحض غلبة عدم حصول العلم من خبره ، لمناسبته لذلك ، لا لخصوصيته في الحكم بعدم الحجية ، وهو لا ينافي المفروض في محل الكلام.
اللهم إلا أن يدعى أن الوجه الأول هو الأقرب عرفا. لكنه لا يخلو عن تأمل وإشكال ، فإنه وإن كان البناء على تخصيص العموم بالمفهوم في سائر الموارد ، إلا أنه يشكل في خصوص المقام ، بقرب حمل ذكر الفاسق على غلبة كون خبره غير موجب للعلم ، وهو مما يوجب ضعف الظهور في المفهوم بنحو يشكل رفع اليد به عن العموم.
هذا ، وقد أجاب غير واحد عن الإشكال المذكور بحكومة عمومات حجية الخبر على عمومات عدم حجية غير العلم ، لأنها تقتضي كونه علما تعبدا أو تنزيلا ، فيخرج عن العمومات المذكورة ، وقد أشرنا إلى منع ذلك قريبا ،