البابلية وبين دول سيريا وفلسطين ، وإن سبب استقلالها هو خطورة موقعها الجغرافي المتوسط بين آسيا الكبرى والصغرى فكانت مستقلة باتفاق سائر الدول.
وقال بعض المحققين : إن سوريا كانت في تلك الأيام ذات حضارة تفوق ما كانت عليه منها جميع المملكة الآشورية ، مستدلا على ذلك بنقل الوثن (رمن) من سوريا إلى نينوى وعبادة أهلها إياه مع معبودهم الوطني. فلو لم تكن سوريا في ذلك الزمن أرقى من نينوى حضارة ومدينة وصناعة لما اختار أهل نينوى الوثن (رمن) ونقلوه إلى عاصمتهم واتخذوه معبودا لهم مع وجود معبودهم. واستدل بعض علماء التاريخ من الآثار العاديات على أن الوثن (رمن) هذا كان آله العواصف في سوريا وأنه سنة ٢٠٠٠ ق. م بني له هيكل في نينوى». اه كلام فينكلار.
قلت : لم تزل حلب تحت سلطة البابليين حتى ملك الساسانيون في أيام الملك دارا «نينوى» وامتدت سطوتهم إلى سوريا وبقيت في أيديهم حتى أخذها منهم إسكندر المكدوني ، وصارت حلب موطنا لليونانيين وأحسنوا إلى أهلها فتخلّقوا بأخلاقهم واعتنى اليونانيون بسورية الشمالية وجددوا فيها عدة بلدان كأنطاكية وأفامية والسويدية. ثم إن سليقوس نيكادور أحد ملوك اليونانيين لما استولى على أنطاكية بعد ٢١ سنة من جلوسه قبل الهجرة بنحو ٩٤٥ سنة ـ جدد بناء مقدار النصف المتهدم من حلب ، وهو الذي بنى القلعة على التل المشهور بإبراهيم الخليل ، وأمر اليهود بأن يترددوا للتجارة إلى هذه البلدة ويقيموا فيها وفرض عليهم بعض الضرائب ، فاستوطنوها وكثر عددهم فيها حتى بلغت مساحة دورهم مقدار نصف ساعة طولا وكان لهم فيها عدة معابد.
لم تزل حلب في حوزة اليونانيين إلى أن انتزعها منهم الرومان سنة ٦٤ أو ٦٥ ق. م ، وملكوا معها سوريا وأنطاكية وجعلوا حلب عاصمة ملكهم. وقبل الهجرة المحمدية بنحو ٤٩٨ سنة أمر الإيمبراطور تريان اللاتيني بضرب السكة بحلب ، وكان مرسوما على أحد جانبيها صورته وعلى الجانب الآخر كلمة (برويا). وقبل الهجرة بنحو ٥٢ سنة حاربت الفرس الملك كيروليس الشرواني في أنطاكية وحلب وقنسرين ومنبج وأحرقوا منبج وأنطاكية وقنسرين.
أما حلب فقد كان فيها من قبل الملك كيروليس بطريق يقال له موغان (وإليه تنسب