سنة ٦٦٣ وكان قد ارتدع قليلا عن أذيّة المسلمين وخفض من عداوتهم وقد خامر قلبه شيء من أحوال الدين الإسلامي وشاهد من جماعة الرفاعية بعض الكرامات ، فأعطاهم ولده نكودار للتربية فأسلم على يدهم وتسمى أحمد وصار سلطانا بعد أخيه أبغا ، وكتب إلى السلطان الملك الظاهر البندقداري كتابا مسهبا أخبره فيه بإسلامه وبغير ذلك من المسائل السياسية والدينية ، وأجابه عنه السلطان بكتاب مسهب أيضا أثبتهما ابن العبري في كتابه مختصر الدول فليراجعه من أحب الاطلاع عليه. اه.
وكانت وفاة بركه خان سنة ٦٦٥ وجميع سلسلة ملوك المغل الذين جلسوا على سرير السلطنة كانوا مسلمين إلا أنهم لم يكونوا مثل بركه خان في التعصب للدين والحرص على أحكامه ، إلى أن جلس على كرسي سلطنة دشت قفجق السلطان الملك غياث الدين محمد أوز بك خان ، وهو من أعقاب جوجى بن جنكز خان ، وكان شابا حسن الصورة حسن الإسلام شجاعا قتل عددا عظيما من الأمراء والأعيان أهل البطش والاستبداد ، وقتل كثيرا من الايغورية وهم البخشية ، أي الكهنة والسحرة ، وأظهر كلمة الإسلام ، وكان جلوسه على سرير على سرير الملك في أواخر رمضان سنة ٧١٢ وكان يعد من الملوك السبعة الذين هم كبراء ملوك الدنيا وعظماؤهم ، وكان عظيم المملكة شديد القوة قاهرا أهل القسطنطينية العظمى مجتهدا في جهادهم وبلاده متسعة والمؤرخون يطلقون عليها مملكة القريم وليست هي القريم وحدها وإنما من جملتها القريم والكفا والمجر وأوزاق وخوارزم وحاصرته سراي.
وجميع من كان في جواره من ملوك طوائف الجركس والروس واللاز كانوا كالرعايا له وكثيرا ما كان يسبي نساءهم وذراريهم ويحملها تجار الرقيق إلى أقطار الأرض ويبيعونها. وكان بينه وبين ملوك مصر مراسلات حبّية ، والرسل بينهما تتردد دائما ، وهداياهما إلى بعضهما في تواصل مستمر. وكان ملوك الروس يقدمون إلى أزبك خان عبوديتهم ويهابونه ولا يخرجون عن أوامره ، وكان هو الذي ينصب عليهم الكيناز ويعطيه منشور تملكه ، ومتى أراد عزله عزله ونصب غيره وكان الكيناز عند الروس كالإمبراطور. وكان أزبك خان مع هذه السطوة يرفق بالروس ويحترم كهنتهم وقد ظل الروس تحت سلطة التاتار ملوك الدشت والقريم مدة ١٥٠ سنة إلى أن وقع الخلف بينهم ودخل بلادهم تيمورلنك واستولى على قسم عظيم منها وتفرقت كلمة ملوكهم واشتغلوا بقتال بعضهم ، فاغتنم الروس هذه الفرصة وقاموا نحو بلاد الدشت فطمت بحار غلبتهم عليها وكادوا يعمّونها بالاستيلاء لو لا