وصواعق وبرد كبار في شمالي حلب ، حتى حملت السيول وساقت عدة مواش من بساتين حلب وأراضيها وأغرقت محلة الوراقة ، واختنق بها بضعة أوادم.
وفي أوائل ربيع الثاني سنة ١٣٠٧ المصادف شهر تشرين الثاني سنة ١٣٠٥ ورد الأمر من النظارة الصحية بإقامة منطقة الحجر الصحي في حدود الولاية ، مما يلي الموصل ، لما شاع من ظهور الهيضة (١) في الموصل ، فأقيمت المنطقة المذكورة في جهة الرّها وحرّان والبيرة والرقة خمسة عشر يوما على كل مارّ من هناك إذا لم يكن معه تذكرة مشعرة بنظافته. وفي هذا الشهر قدم من استانبول إلى حلب الشيخ وفا ابن الشيخ بهاء الدين ابن الشيخ «محمد وفا الرفاعي» ومعه من حلية رسول الله صلّى الله عليه وسلّم شعرة أعطته إياها امرأة من أكابر نساء استانبول. فتلقاه الناس بالتكريم ، ووضعت الشعرة في زاوية الشيخ تراب المتصلة بجامع خسرو باشا. وفي الساعة الثامنة بعد ظهيرة يوم الثلاثاء ثامن عشر شعبان المعظم من هذه السنة المصادف لليوم ٢٧ آذار سنة ١٣٠٦ بدأ المطر ينهلّ كأفواه القرب ، واستمر بهذه القوة العظيمة إلى الساعة الأولى ليلا ، حتى طافت الشوارع وبعض جوامع وحمّامات ودكاكين ، وأغرق نحو ثلاثين حملا من الأرزّ والملح وغيرهما في خانات باب الجنان ، وخسفت الأزقّة ، وسقط صاعقة في محلة ساحة بزّة فصدّعت أربعة جدران.
وفي يوم الخميس ١٢ رمضان سنة ١٣٠٧ وصل إلى حلب واليا عليها عارف باشا.
وفي صيف هذه السنة ظهر في حلب ونواحيها مرض وافد سماه الناس باسم «أبي الرّكب» وكان وفوده من الممالك الإفرنجية ، وكانت أعراضه في حلب أن يبتدئ مع الإنسان بقشعريرة خفيفة تارة وسخونة أخرى ، ثم تطبق السخونة ويلزم المريض الفراش ، ويشتد معه وجع الرأس والصداع والغثيان بضعة أيام ، ثم يشعر بوجع في مفاصله وفي ركبه إلى أن يمضي عليه نحو خمسة عشر يوما تقريبا ، فينقه من مرضه. وفي شتاء هذه السنة أيضا انقلب هذا المرض إلى علّة سماها الناس «الفولانزا» وفدت من البلاد الإفرنجية ، وهي نزلة صدرية شديدة يصحبها سخونة في الجسم ، تستمر نحو عشرين يوما وتنتهي بالشفاء غالبا.
__________________
(١) سبقت الإشارة إلى أنها الكوليرا.