وفي سنة ٤٥٧ أقطعت معرة النعمان للملك هارون بن خان ملك الترك فيما وراء نهر جيحون ، أخذها حربا وخراجا فأقام بها يسيرا ثم انتقل إلى حلب وولى المعرة الأمير فارس الدولة يانس الصالحي. وفي سنة ٤٥٩ كان بالبلاد سوى الروم غلاء عظيم وموت لا سيما في حلب ، فإنه مات فيها في رجب خاصة زهاء أربعة آلاف ، ومات جماعة من ساداتها. وفي سنة ٤٦٠ فتح من الإفرنج حصن أرتاح على يد الملك هارون بن خان ، حاصره خمسة أشهر ، وهو فتح عظيم كانت أعماله بمقدار أعمال الشام من الفرات إلى العاصي ، إلى أفامية إلى باب أنطاكية ، إلى الأثارب. وأحصى قوم المفقودين من الفرنج في هذه السنة إلى رمضانها في الدرب إلى أفامية قتلا وأسرا ، فكانوا ثلاثمائة ألف.
وفي سنة ٤٦١ أخذ ملك الروم حصن منبج وشحنه رجالا وعدّة. ثم وقف على عزاز ساعة ورحل عنها ، وفتك في جماعته الموت والغلاء فرجع خائبا. وفيها جمع قبطان أنطاكية وقسّها المعروف بالبخت جموعا وطلع إلى حصن أسقوبا من قرى المعرة ، حسّن له ذلك قوم من بني ربيع من أهل «الجوزق» ، ففتحوه وقتلوا وأسروا رجاله وواليه نادر التركي. فبلغ الخبر الأمير عز الدولة محمود بن نصر المرداسي وهو يسير في ميدان حلب فسار إليهم ولم يدخل حلب ومعه نحو خمسين ألفا من الترك والعرب ، وأخذه من النصارى وقتل منهم ألفين وسبعمائة نفس. وهذا الحصن عمره حسين بن كامل بن سليمان العمري المرشدي الكلابي ، ومعه جماعة من المعرة وكفر طاب وضياعهما في سنة ٤٥٦ وأكمل عمارته بمدة يسيرة فتعجب الناس لسرعة عمارته.
ثم في سنة ٤٦١ اقترض محمود بن نصر المرداسي من الروم أربعة آلاف دينار ورهن ولده نصرا عليها وعلى هدم الحصن المذكور. فجمع الناس من المعرة وكفر طاب على هدمه وهدموه. فقال بعضهم :
وهدّوا بأيديهم حصنهم |
|
وأعينهم حزنا تدمع |
عجبت لسرعة بنيانه |
|
ولكنّ تخريبه أسرع |
وفي سنة ٤٦٢ استولى الروم على منبج وقتلوا أهلها ونهبوها ثم رحلوا عنها لجوعهم.
وفي سنة ٤٦٣ قطع محمود بن نصر المرداسي والي حلب خطبة المستنصر العلوي بمصر وخطب للقائم العباسي ، فثار الشيعة في حلب ونهبوا حصر الجامع وقالوا : هذه حصر عليّ ، فليأت أبو بكر بغيرها.