وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ * وَأَلْقَىٰ فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهَارًا وَسُبُلًا لَّعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ * وَعَلَامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ) (١).
يتلخّص من هذا أنّ الله سبحانه هو على الوجود الحقيقيّة ، وهو مسبّب العلل والأسباب ، وهي بدورها تقوم بدور الوساطة بين الله وبين المعلولات ولكن من دون استقلال.
الله ـ العلل والأسباب ـ المعلولات والمسبَّبات.
وهذه العلل والأسباب لا تؤثّر أثرها إلّا بإذن الله ، ونظام العلّيّة الذي يحكم الوجود من مصاديق الشفاعة التكوينيّة.
٢ ـ الشفاعة التشريعية : لقد حصر الله سبحانه مسألة الشتريع به وحده ، من باب الحاكميّة المطلقة ، التي هي فرع من فروع المالكيّة المطلقة ، ولمّا كان الحكم التكوينيّ الذي يسود عالم الموجودات والمخلوقات مختصّاً به وحده سبحانه كان لابدّ أن تكون الأحكام من الوجهة التشريعية كذلك ، لأنّ خالق الإنسان أعلم بما يُصلح الإنسان ، وبما يهيّئ له أسباب السعادة الحقيقيّة.
فقد أرسل الله الأنبياء والرسل مُبَشِّرين ومُنذِرين ، وجاؤوا بالمناهج والتشريعات التي تساير فطرة الإنسان الذي هو جزء من فطرة الكون ، وقد أمر الله سبحانه الإنسان بالالتزام بأوامره ونواهيه ، ووعد المطيع بالثواب ، وأوعد العاصي بالعقاب ، وحذّر العباد من الزيغ والإعراض عن شرائعه ومناهجه ، فقال سبحانه وهو أصدق القائلين : (فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَىٰ * وَمَنْ أَعْرَضَ عَن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١ ـ النحل : ١٠ ـ ١٦.