ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَىٰ * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَىٰ وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا * قَالَ كَذَٰلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَٰلِكَ الْيَوْمَ تُنسَىٰ) (١).
يتلخّص ممّا ذكرناه أنَّ الإنسان يستعين بالأسباب الطبيعيّة لدفع الشرّ ، واستجلاب الخير ، ورفع الجوع والعطش ، والوقاية من البرد والمرض وغيرها من الكوارث والنوازل التي تحلّ به ، لكنّه في مجال التشريع باعتباره مكلّفاً مختاراً فهو مأمور بالالتزام والتطبيق للأوامر الإلهيّة ، والانتهاء عمّا نهى الله سبحانه.
ولو اختصرنا مفهوم الشفاعة وقلنا : بأنّها التوسّط في إيصال نفع أو دفع ضرر ، فإنّ الإنسان المكلّف شرعاً قد ينحرف عن جادّة الشرع في بعض المجالات ، ويقصّر في بعض التكاليف العباديّة ، وربّما تصدر منه المعاصي جرياً وراء الشهوات ، وسُعار النزوات ، وانقياداً للأهواء والمغريات ، فيكون بحاجة إلى شفيع ووسيط إلى الله ليسدّ نقصه ، ويُتمَّ الأسباب التي تقوده إلى الفوز برضى الله سبحانه.
وهنا لابدّ من الإشارة إلى بعض الملاحظات :
١ ـ إنّ مسألة الشفاعة ممّا ثبت أصله كتاباً وسنّةً ، وعقلاً وعرفاً.
٢ ـ إنّ الشفاعة تحتاج إلى استعدادات خاصّة ، ولياقة للتلبّس بالكمال المعنويّ في نفس المشفوع له ، فالشفاعة إنّما شُرّعت لسدّ النقص وتتميم الأسباب ، فهي لا تشمل الملحد والكافر والمفسد في الأرض ، فإنّ المدرّس قد يرفع الطالب المحتاج إلى درجة أو درجتين لينجح مثلاً مراعياً بعض الأسباب الوجيهة ، لكنّ الطالب الذي لم يلتحق بالدراسة لذلك العام ، أو الذي لم يؤدّ الامتحان أصلاً فلا شفاعة له.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١ ـ طه : ١٢٣ ـ ١٢٦.