٣ ـ إنّ الشفاعة لا تُبطل مولويّة الله باعتباره المالك والحاكم المطلق ، ولا تبطل عبوديّة العبد ، ولا تعني نسخ الأحكام المولويّة ولا إبطال القوانين الإلهيّة في مسألة المجازاة.
٤ ـ إنّ الشفيع يتقدّم إلى الله سبحانه راجياً لطفه وكرمه الأزليّ للعفو عن عبدٍ حقير ، ذليل ، مسكين مستكين ، ضعيف لا يملك لنفسه حولاً ولا قوّة ، وقد قامت عليه الحجّة البالغة ، واستحقّ العقاب بسوء عمله وتقصيره. وقد قيل : إنّ إخلاف الوعد من القبيح ، لكنّ إخلاف الوعيد من الحسَن عقلاً (١).
٥ ـ إنّ الشفيع الذي يرتضي اللهُ شفاعته ويأذن له بها لابدّ أن يكون ذا مكانة وزلفى عند الله سبحانه ، وهذه المنزلة والمؤهّلات هي من باب التكريم له أخرويّاً ، فهو يتقدّم بإذن الله ليستعمل كرامته ومكانته وقربه من الله لتخليص بعض المقصّرين وإنقاذهم من العذاب.
والشفاعة التشريعيّة تجري وفق هذا التسلسل : الله ، ثمّ الشفيع ، ثمّ المشفوع له.
٦ ـ إنّ مسألة الشفاعة مفهوم صادق من مصاديق نظام العلّيّة والسببيّة الجاري في أرجاء ومفاصل الكون والوجود ، سواء التكوينيّة أو التشريعيّة.
٧ ـ إنّ الشفاعة من موارد رحمة الله وفضله وتجاوزه ، ولكنّها غير مضمونة لكلّ واحد من المذنبين والعصاة ، ولا تسع جميع المعاصي والجرائم ، وبهذا نقول : إنّ الشفاعة ليست من الوسائل التي تبعث الإنسان على المعصية والتجرؤ على هتك محارم الله جلّ وعلا.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١ ـ ذكر ذلك العينيّ في «عمدة القاري في شرح صحيح البخاري ١ : ٢٢١» ، والشنقيطيّ في «أضواء البيان ٧ : ٤٢٥».