والذي يظهر من الروايات الشريفة أنّها لا تسع أهوال النزع والاحتضار ، ولا أهوال القبر وعذاب البرزخ ، بل هي مدّخرة لآخر مواقف القيامة بالمنع من دخول النار ، أو استنقاذ من دخلها. أمّا ما ورد من حضور النبيّ صلى الله عليه وآله والأئمّة عليهم السلام حين النزع وعند المساءلة في القبر (١) ، فهو من المواهب الإلهيّة والتصرّفات المأذون بها من الله على نحو الحكومة ، وليس من الشفاعة في شيء. ولكن هنالك أعمال تخفّف من ضغطة القبر وأهواله.
٨ ـ إنّ تشريع الشفاعة يُعتبر فتحاً لباب الأمل والرجاء للعودة إلى صراط الله المستقيم بقلب منفتح ملؤه الرجاء ، ويطرد شبح اليأس من نفوس المذنبين.
٩ ـ إنّ الإنسان الذي يفد على ربّه تائباً من ذنبه توبة نصوحاً وشروطها ، فإنّ شفاعته هي توبته. وقد ورد عن الإمام عليّ عليه السلام قوله : لا شفيعَ أنجحُ مِن التوبة (٢).
١٠ ـ إنّ الصفات التي تهدم أصل الديانة وأركانها غير مشمولة بالشفاعة ، قال تعالى : (كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ * إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ * فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ * عَنِ الْمُجْرِمِينَ * مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ * قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ * وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ * وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ * وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ * حَتَّىٰ أَتَانَا الْيَقِينُ * فَمَا تَنفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ) (٣).
١١ ـ إنّ الصغائر معفوّ ومكفّر عنها ـ بشرط اجتناب الكبائر ـ تفضّلاً من الله
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١ ـ من أراد المزيد فليراجع كتاب «المحتضر» للحسن بن سليمان الحلّي «من أعلام القرن الثامن» ، وقد حُقّق الكتاب من قِبل السيّد على أشرف وطُبع من قبل المكتبة الحيدريّة سنة ١٤٢٤ هجريّة.
٢ ـ الكافي ٨ : ١٩ / ح ٤ «من خطبة الوسيلة» ، من لا يحضره الفقيه ٣ : ٥٧٤ / ح ٤٩٦٥.
٣ ـ المدّثر : ٣٨ ـ ٤٨.