بالتقصير شكراً ، كما عَلِمَ العالمين أنّهم لا يدركونه فجعله إيماناً (١).
لقد أراد الله سبحانه أن يكرم عباده وأولياءه بالتوجّه إليه مباشرة ، دون اللجوء إلى الأسباب الظاهريّة ، فإنّ اللجوء إليها على نحو استقلاليّتها من الشرك الخفيّ الذي له آثاره السلبيّة على حياة الإنسان.
إنّ هذه الأسباب ـ كما ذكرنا في أكثر من موضع ـ تقع في طول الإرادة الإلهيّة ولا تأثير لها دون إنفاذ مشيئته سبحانه ، ومن هذه : الإنسان نفسه ، فقد أراد الإسلام أن يغرس في نفوسنا التوجّه إلى الله سبحانه أنّه مُسبِّب للأسباب ، ولأنّه السبب الحقيقيّ الأصيل لرفع حوائجنا ، فإنّ الذي يلجأ إلى غيره من البشر سيجد المنع والبخل والاستئثار وربّما الإهانة ، وهذه من الصفات الذميمة.
قال الإمام جعفر الصادق عليه السلام في تفسير قوله تعالى : (وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ) (٢) : لمّا نزلت هذه الآية استوى رسول الله صلى الله عليه وآله جالساً ثمّ قال : من لم يَتَعَزَّ بعزاء الله تقطّعت نفسه على الدنيا حسرات ، ومن أتبع بصره ما في أيدي الناس طال همُّه ولم يَشْفِ غيظه ، ومن لم يعرف أنّ لله عليه نعمةً إلّا في مطعم أو في مشرب ، قَصُر أجَلُه ودنا عذابه (٣).
وقد تكلّمنا في مبحث سابق حول البخل ، وسوف نتكلّم حول القناعة والإيثار.
والحمد لله ربّ العالمين ، وصلّى الله على محمّد وآله الطيّبين الطاهرين.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١ ـ الصحيفة السجاديّة : ٢٥ ، الكافي ٨ : ٣٩٤ / ح ٥٩٢.
٢ ـ طه : ١٣١.
٣ ـ تفسير القمّي ٢ : ٦٥.