لِّلْعَالَمِينَ) (١).
فعن الأصبغ بن نُباتة عن أمير المؤمنين عليّ عليه السلام في قوله تعالى : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّـهِ كُفْرًا) ، قال عليه السلام : نحن نعمة الله التي أنعم الله بها على العباد (٢).
وهذا من باب الجَرْي والتطبيق ، إذ هم عليهم السلام أعظم مصاديق الرحمة الإلهيّة ، والنبيّ صلى الله عليه وآله كما كان رحمة للعالمين حال وجوده الشريف ، هو رحمة للعباد بعد انتقاله إلى الرفيق الأعلى أيضاً.
قال الإمام الباقر عليه السلام : قال رسول الله صلوات الله عليه وآله وهو في نفرٍ من أصحابه : إنّ مُقامي بين أظهُرِكم خيرٌ لكم ، وإنّ مفارقتي إيّاكم خيرٌ لكم ... أمّا مُقامي بين أظهركم فإنّ الله يقول : (وَمَا كَانَ اللَّـهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّـهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) ... أما مفارقتي إيّاكم فهو خيرٌ لكم ؛ لأنّ أعمالكم تُعرَض عَلَيَّ كلّ إثنينِ وخميس ، فما كان مِن حَسَن حَمِدتُ الله عليه ، وما كان مِن سيّئٍ أستغفرُ الله لكم (٣).
وكان الإمام عليّ بن الحسين عليه السلام إذا قرأ هذه الآية : (وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّـهِ لَا تُحْصُوهَا) (٤) ، يقول : سبحان مَن لم يجعل في أحدٍ مِن معرفة نعمه إلّا المعرفة بالتقصير عن معرفتها ، كما لم يجعل في أحد مِن معرفة إدراكه أكثر من العلم أنّه لا يُدركه ، فَشَكَر جَلَّ وَعَزَّ معرفة العارفين بالتقصير عن معرفة شكره ، فجعل معرفتهم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١ ـ الأنبياء : ١٠٧.
٢ ـ تفسير العيّاشيّ ٢ : ٢٢٩ ح ٢٤ ، والآية في سورة إبراهيم : ٢٨.
٣ ـ تفسير العيّاشيّ ٢ : ٥٤ / ح ٤٥ ، الأمالي للطوسيّ : ٤٠٨ ، والآية في سورة الأنفال : ٣٣.
٤ ـ إبراهيم : ٣٤ ، النحل : ١٨.