وقيل في العفو : إنّه ترك العقوبة (١) ، ومحو الذنب بأن لا يبقى له أثر في النفس. وقيل في المغفرة : الستر والتغطية (٢) ، وسوف نتحدّث بإسهاب حول هذه المفاهيم.
والتوبة : ضدّ الإصرار ، والمراد منها الرجوع عن الذنب ، ويترجم ذلك الموقفَ الندمُ قولاً وفعلاً واعتقاداً ، وهذا الندم يُحْدث الإشراق الروحيّ ، ويكشف الحجب الضاربة على آفاق القلب ، وينير السريرة ، ويقوّي البصيرة ، وهذا الندم ثمرة من ثمار التأرجح بين الخوف والرجاء ، وهو يوثّق أواصر الحبّ بين العبد وخالقه.
وهنا يعود الإنسان إلى السبيل الذي رسمه له الله عزّ وجلّ ، ليمارس مسيرته في التقرّب منه سبحانه ، فإنّ التوبة ثورة روحيّة لتطهير النفس من الرين والرذائل والصفات المذمومة التي تحجب الإنسان عن ربّه ، وحجاباً يكون من الآثار الوضعيّة للذنوب والمعاصي ، والندم يبعث العزم ويقوّي الإرادة على عدم العود إلى الذنب في المستقبل ، وعلى الإنسان أن يتدارك ما فاته بالاستغفار ، أو قضاء الفوائت العباديّة ، أو إرجاع حقوق الغير مثلاً ، ولنا عودة إلى الموضوع إن شاء الله تعالى.
يقول صاحب «جامع السعادات» قدس سره : كلّ فرقة من العباد لهم توبة ، فتوبة الأنبياء من اضطراب السرّ ، وتوبة الأولياء من تلوين الخطرات ، وتوبة الأصفياء من التنفيس ، وتوبة الخاصّ من الاشتغال بغير الله ، وتوبة العامّ من الذنوب ، ولكلّ واحد منهم معرفة وعلم في أصول توبته ومنتهى أمره.
ثمّ يقول قدس سره : وعلى هذا ، فما ورد من استغفار الأنبياء والأوصياء وتوبتهم إنّما هو
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١ ـ أحكام القرآن للجصّاص ٣ : ٥٠ ، مفردات غريب القرآن : ٣٤٠.
٢ ـ لسان العرب ٥ : ٢٥.