والموسومة بـ «مناجاة التائبين» :
إلهي ألبًسْتني الخطايا ثوبَ مَذلّتي ، وجَلَّلني التباعدُ مِنك لباسَ مَسْكنتي ، وأمات قلبي عظيمُ جِنايتي ، فأحْيِهِ بتوبةٍ منك يا أملي وبُغْيتي ، ويا سُؤْلي ومُنْيتي ، فَوَعزّتِك ما أجدُ لذنوبي سواك غافراً ، ولا أرى لكسري غيرَك جابراً ، وقد خضَعْتُ بالإنابة إليك ، وعَنَوتُ بالاستكانة لديك ، فإن طردتَني مِن بابِك فبِمَن ألوذ ، وإن رَدَدْتَني عن جَنابك فبِمَن أعوذ؟! فَوا أسفاهُ مِن خَجْلتي وافتضاحي ، ووالهفاهُ مِن سوء عملي واجتراحي (١) ، أسأل يا غافرَ الذنبِ الكبير ، ويا جابرَ العظمِ الكسير ، أن تَهَبَ لي مُوبقات الجرائر ، وتَستُرَ علَيّ فاضحاتِ السرائر ، ولا تُخْلِني في مشهد القيامة مِن بَرْدِ عفوِك ومغفرتِك ، ولا تُعْرِني مِن جميلِ صَفحِك وسَترِك.
إلهي ظلِّلْ على ذنوبي غَمامَ رحمتِك ، وأرسِلْ على عيوبي سحابَ رأفتِك ، إلهي هل يَرجِع العبدُ الآبق إلّا إلى مَولاه؟ أم هل يُجيرُه من سَخَطِه أحدٌ سواه؟!
إلهي إن كان الندمُ على الذنب توبة ، فإنّي وعزّتِك مِن النادمين ، وإن كان الاستغفار من الخطيئة حِطّةً فإنّي لك من المستغفرين ، لك العُتْبى حتّى ترضى.
إلهي بقدرتك عَلَيَّ تُبْ علَيّ ، وبحِلمِك عنّي اعفُ عنّي ، وبِعلمِك بيَ ارفَقْ بي.
إلهي أنت الذي فتحتَ لعبادِك باباً إلى عفوِك سمّيتَه التوبة ، فقلت : (تُوبُوا إِلَى اللَّـهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا) ، فما عذرُ مَن أغفل دخولَ البابِ بعدَ فتحِه.
إلهي إن كان قَبُحَ الذنبُ من عبدِك ، فَلْيَحسُنِ العفوُ مِن عندِك.
إلهي ما أنا بأوّلِ مَن عصاك فتُبتَ عليه ، وتعرّضَ لمعروفِك فجُدتَ عليه ،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١ ـ الاجتراح : الاكتساب ، قال ابن دريد : فلان جارَحَ أهله وجارحَهُ أهله ، إذا كان كاسَبَهم ، وجوارح الإنسان من هذا ، لأنّهنّ يجترحن له الخير أو الشرّ ، أي يكسب بهنّ. [ترتيب جمهرة اللغة ١ : ٢٦٩]