بتائب ، ومن تاب ولم يقدّم فضل قُوته من يديه فليس بتائب ، وإذا استقام على هذه الخصال فذاك التائب (١).
إنّ الرواية الشريفة لا تنفي أصل التوبة بل تنفي جانب الكمال فيها فالنبيّ صلى الله عليه وآله أراد أن تكون التوبة نقلة نوعيّة ، تنقل الإنسان من الظلمات إلى النور ، ومن مذموم الأخلاق إلى مكارمها ، ومن لقمة الحرام وقرين السوء إلى طيب المكسب وحسن المعاشرة مع المؤمنين ، وإعادة حقوق المظلومين ، والخروج من ولاية الشيطان إلى رحاب ولاية الله سبحانه.
والآن نعطّر أجواء هذا المبحث بهذا الحديث الشريف الذي هو من روائع أهل العصمة ، فقد ورد عن النبيّ صلى الله عليه وآله قوله : خلق الله تعالى تحت العرش مَلَكاً يسبّحه بجميع اللغات المختلفة ، فإذا كان ليلةُ الجمعة أمره أن ينزل من السماء إلى الدنيا ، ويطّلع إلى أهل الأرض ويقول :
يا أبناء العشرين لا تغرّنكم الدنيا ، ويا أبناء الثلاثين اسمعوا وَعُوا ، ويا أبناء الأربعين جدّوا واجتهدوا ، ويا أبناء الخمسين لا عذرَ لكم ، ويا أبناء الستّين ماذا قدّمتم في دنياكم لآخرتكم؟ ويا أبناء السبعين زرعٌ قد دنا حصاده ، ويا أبناء الثمانين أطيعوا الله في أرضه ، ويا أبناء التسعين آنَ لكم الرحيلُ فتزوّدوا ، ويا أبناء المائة أتتكم الساعة وأنتم لا تشعرون!
ثمّ يقول : لولا مشايخُ رُكَّع ، وفتيانٌ خُشّع ، وصبيانٌ رضّع ، لَصُبّ عليكم العذاب صبّاً (٢).
وأختم هذا المبحث متبرّكاً بالمناجاة الشريفة للإمام عليّ بن الحسين عليه السلام ،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١ ـ جامع الأخبار : ٢٢٧ / ح ٥٧٨ ، مستدرك الوسائل ١٢ : ١٣٠ / ح ٢.
٢ ـ إرشاد القلوب : ١٩٣ ـ الباب ٥٢ ، مستدرك الوسائل ٦ : ٧٥ ح ٧.