وكتم سَخَطَه في معصيته ، وكتم وليَّه في خَلْقه ، فلا يستخفّنّ أحدكم شيئاً من الطاعات ، فإنّه لا يدري في إيِّها رضاءُ الله تعالى ، ولا يستقلّنّ أحدكم شيئاً من المعاصي ، فإنّه لا يدري في أيّها سَخَطُ الله ، ولا يُزرِيَنّ أحدُكم بأحدٍ من خَلق الله ، فإنّه لا يدري أيّهم وليّ الله (١).
والتوبة كما قلنا مراتب أرقاها درجة الإنابة ، والمراد منها الرجوع إلى الله والانقطاع إليه انقطاعاً تامّاً ، سرّاً وعلناً ، قولاً وفعلاً ، نيّةً وسلوكاً ، فيكون القلب خالياً من كلّ شاغل عن الله ، وهذه غاية الإسلام حيث قال الله سبحانه في كتابه : (وأنيبوا إلى ربّكم وأسلموا له) (٢).
وقال تعالى : (واُزلفت الجنّة للمتقين غير بعيد * هذا ما توعدون لكلّ أوّابٍ حفيظ * من خشي الرّحمن بالغيب وجاء بقلبٍ منيب * ادخلوا بسلامٍ ذلك يوم الخلود * لهم ما يشاءون فيها ولدينا مزيد) (٣).
ونعود من جديد للتأكيد على صدق التوبة ، والتثبّت من مواقفنا مع الله سبحانه ، وخلوص نيّاتنا عند الاستغفار ، فقد روي أن النبيّ صلى الله عليه وآله قال : أتدرون من التائب؟ قالوا : اللهمّ لا ، قال صلى الله عليه وآله : إذا تاب العبد ولم يُرضِ الخصماءَ فليس بتائب ، ومن تاب ولم يغيّر مجلسه وطعامه فليس بتائب ، ومن تاب ولم يغيّر رفقاءه فليس بتائب ، ومَن تابَ ولم يَزِد في العبادة فليس بتائب ، ومن تاب ولم يغيّر لباسه فليس بتائب ، ومن تاب ولم يغيّر فراشه وسادته فليس بتائب ، ومَن تاب ولم يفتح قلبَه ولم يوسّع كفَّه فليس بتائب ، ومن تاب ولم يقصّر أمله ويحفظ لسانه فليس
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١ ـ كنز الفوائد : ١٣ ، مستدرك الوسائل ٩ : ١٠٣ / ح ٢.
٢ ـ الزمر : ٥٤.
٣ ـ سورة ق : ٣١ ـ ٣٥.