هي التي تنطلق من معرفة الله سبحانه لتعرف آثاره ومخلوقاته ، فيكون وجوده تعالى دليلاً على وجودها ، وهذا الطريق صعب وغامض ، ولا تدركه العقول البسيطة.
أمّ الطريق العادي فهو التفكّر في خلق السماوات والأرض وآثار الوجود الإلهيّ المقدّس ، لتقوده إلى معرفة الموجد وعظمة الخالق المنعم.
قال تعالى : (سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَ لَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) (١).
يقول السيّد الطباطبائيّ في «الميزان» : والمعنى : أوَ لم يكفِ في تبيّن الحقّ كونُ ربّك مشهوداً على كلّ شيء ، إذ ما من شيء إلّا وهو فقير من جميع جهاته إليه ، متعلّق به وهو تعالى قائم به قاهر فوقه ، فهو تعالى معلوم لكلّ شيء وإن لم يعرفه بعض الأشياء (٢).
فالعارفون الحقيقيّون يرون أنّ الله أظهر الموجودات ، وأنّه نور السماوات والأرض ، الظاهر بنفسه ، المُظهِر لغيره ، وهذا الوجود المقدّس قائم بنفسه ، يقوم به غيرُه ، أمّا غيره فهو متقوّم بغيره ، فيكون الوجود الإلهيّ أظهر.
وهنا نشير إلى بعض الملاحظات :
١ ـ هناك سؤال مفاده : هل إنّ المعرفة بالله تقود إلى المعرفة بالنفس والآفاق؟ أم إنّ المعرفة بالنفس والآفاق تقود إلى المعرفة بالله؟
هناك أدلّة تشير إلى الفرض الأوّل ، فقد ورد في دعاء أبي حمزة الثماليّ الذي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١ ـ فصّلت : ٥٣.
٢ ـ تفسير الميزان ١٧ : ٤٠٥.