ما يمرّ على الناس [في] يوم القيامة من الهول والشدّة ، وما أحاسب به الأغنياء والفقراء ، والجهّال والعلماء ، وأُنوّمه في قبره وأُنزِل عليه منكراً ونكيراً حتّى يسألاه.
ولا يرى غمّ الموت وظلمة القبر واللحد وهو المطلع ، ثمّ أنصب له ميزانه ، وأنشر له ديوانه ، ثمّ أضع كتابه في يمينه فيقرؤه منشوراً ، ثمّ لا أجعل بيني وبينه ترجماناً ، فهذه صفة المحبّين.
يا أحمد ، إجعلْ هَمَّك همّاً واحداً ، واجعل لسانك لساناً واحداً ، واجعل بدنك حيّاً لا تَغفلْ عنّي أبداً ، من يغفل عنّي لا أبالي بأيّ وادٍ هلك (١).
وأختم هذا المبحث معطّراً هذه الأجواء بأنفاس سيّد الساجدين الإمام عليّ بن الحسين عليه السلام في مناجاة العارفين :
بسم الله الرحمن الرحيم
إلهي قَصُرَت الألسنُ عن بلوغِ ثنائِك ، كما يَليقُ بجلالِك ، وعجَزَت العقولُ عن إدراكِ كُنْهِ جمالِك ، وانحسَرَت الأبصارُ دونَ النظرِ إلى سُبُحاتِ وَجهِك ، ولم تجعلْ للخَلقِ طريقاُ إلى معرفتِك ، إلّا بالعجزِ عن معرفتِك.
إلهي فاجعَلْنا مِن الذين ترسّخَت أشجارُ السوقِ إليك في حدائقِ صُدورِهم ، وأخذَتْ لوعةُ محبّتِك بمجامع قلوبِهم ، فَهُم إلى أوكارِ الأفكارِ يَأْوُون ، وفي رياضِ القُرب والمكاشفةِ يَرتَعون ، ومِن حياضِ المحبّةِ بكأسِ الملاطفةِ يَكْرَعون ، وشرائعَ المُصافاةِ يَرِدُون ، قد كُشِفَ الغطاءُ عن أبصارِهم ، وانجَلَت ظُلمةُ الريبِ عن عقائدِهم وضمائرِهم ، وانتفَت مخالجةُ الشكِّ عن قلوبِهم وسرائرِهم ، وانشَرَحَت بتحقيقِ المعرفةِ صدورُهم ، وَعَلت لِسَبقِ السعادةِ في الزهادةِ هِممُهُم ، وعَذُبَ في
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١ ـ بحار الأنوار ٧٤ : ٢٨ / ح ٥ ، الجواهر السنيّة للحرّ العامليّ : ١٩٩ ـ ٢٠٠.