قال : وجدتُ علم الناس كلَّه في أربع : أوّلها : أن تعرف ربّك ، والثاني : أن تعرف ما صنع بك ، والثالث : أن تعرف ما أراد بك ، والرابع : أن تعرف ما يُخرِجك عن دينك (١).
يقول صاحب «الميزان» : إنّ الإنسان إذا اشتغل بآية نفسه وخلا بها عن غيرها انقطع إلى ربّه من كلّ شيء ، وعقب ذلك معرفة ربّه معرفةً بلا توسيط وسط ، وعلماً بلا تسبيب سبب ، إذ الانقطاع يرفع كلّ حجاب مضروب ، وعند ذلك يذهل الإنسان بمشاهدة ساحة العظمة والكبرياء عن نفسه ، وأحرى بهذه المعرفة أن تُسمّى معرفة الله بالله. وانكشف له عند ذلك من حقيقة نفسه أنّها الفقيرة إلى الله سبحانه ، المملوكة له ملكاً لا تستقلّ بشيء دونه ، وهذا هو المراد بقوله عليه السلام : تعرف نفسه به ، ولا تعرف نفسك بنفسك من نفسك ، وتعلم أنّ ما فيه له وبه (٢).
وقد ورد في الحديث القدسي : فمن عمل برضائي أُلزمه ثلاث خصال : أعرّفه شكراً لا يخالطه الجهل ، وذكراً لا يخالطه النسيان ، ومحبّة لا يؤثر على محبّتي محبّة المخلوقين.
فإذا أحبّني أحببتُه ، وأفتح عين قلبه إلى نور جلالي ، فلا أُخفي عليه خاصّة خَلْقي ، وأناجيه في ظُلَم الليل ونور النهار ، حتّى ينقطع حديثه مع المخلوقين ومجالسته معهم ، وأُسمعه كلامي وكلام ملائكتي ، وأُعرّفه السرّ الذي سترته عن خلقي ، وأُلبسه الحياء حتّى يستحيَ منه الخلق [كلّهم] ، ويمشي على الأرض مغفوراً له ، وأجعل قلبه واعياً وبصيراً ، ولا أخفي عليه شيئاً من جنّة ولا نار ، وأعرّفه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١ ـ الكافي ١ : ٥٠ / ح ١١ ، الاقتصاد للشيخ الطوسيّ : ١٤ ، بحار الأنوار ٧٥ : ٣٢٨ / ح ٥ ـ عن : كشف الغمّة ٣ : ٤٢.
٢ ـ تفسير الميزان ٦ : ١٧٥.