العقليّة ، فالمعاجز أدلّة ناطقة على صدق مدّعي الرسالة ، وأنّ ال أنبياء والرسل عليهم السلام أصحاب نفوس قدسيّة طاهرة مطهّرة من جميع الأدناس وآثار الذنوب والمعاصي ، وقد منحهم الله الولاية فأصبحوا قادرين على الإماتة والإحياء ، وتكليم الموتى والحجارة ، والنطق في المهد ، وغيرها من مصاديق التدبير.
وكذلك نقول : إنَّ المعاجز ليست دليلاً على صدق وأحقيّة المعارف الإلهيّة والتشريعات الحقّة ، وإنّها ممّا أمر الله به ، إذ هي كذلك من المسلّمات العقلية ، فالشرع يأمر بالعدل والإحسان ومكارم الأخلاق ، وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي ، وهذا من موارد ومصاديق الحسن والقبح العقليَّين.
٣ ـ إنّ للمعرفة الحقيقيّة آثاراً تنعكس على سلوك الإنسان وتصرّفاته وعبادته.
قال النبيّ صلى الله عليه وآله : من عَرَف الله وعظّمه منع فاه من الكلام ، وبطنه من الطعام ، وعفى نفسه بالصيام والقيام. فقالوا : بآبائنا وأُمّهاتنا يا رسول الله ، هؤلاء أولياء الله؟ قال صلى الله عليه وآله : إنّ أولياء الله سكتوا فكان سكوتهم ذِكْراً ، ونظروا فكان نظرهم عبرة ، ونطقوا فكان نطقهم حكمة ، ومَشَوا فكان مشيهم بين الناس بركة ، لولا الآجال التي قد كُتبت عليهم لم تَقَرَّ أرواحهم في أجسادهم خوفاً من العذاب ، وشوقاً إلى الثواب (١).
وعن أبي عبد الله الصادق عليه السلام قال : خرج الحسين بن عليّ عليه السلام على أصحابه فقال : يا أيّها الناس ، إنّ الله جلّ ذِكرُه ما خلق العباد إلّا ليعرفوه ، فإذا عَرَفوه عبدوه ، فإذا عبدوه استغنوا بعبادته عن عبادة مَن سواه (٢).
وورد عن الإمام موسى بن جعفر عليه السلام (وكذا عن الإمام جعفر الصادق عليه السلام) أنّه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١ ـ الكافي ٢ : ٢٣٧ / ح ٢٥ ـ باب المؤمن وعلاقاته وصفاته.
٢ ـ علل الشرائع : ٩ / ح ١.