ورد في «الكافي» عن هشام بن الحكم قال : قال لي أبو الحسن موسى بن جعفر عليه السلام : يا هشام ، إنّ الله حكى عن قوم صالحين أنّهم قالوا : (رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ) ، حينَ علموا أنّ القلوب تَزيغ وتعود إلى عماها ورَداها ، إنّه لم يَخَف اللهَ مَن لم يَعقِل عن الله ، ومَن لم يعقل عن الله لم يَعقِد قلبَه على معرفة ثابتةٍ يُبصرها ويجد حقيقتها في قلبه ، ولا يكون أحد كذلك إلّا من كان قوله لفعله مصدِّقاً ، وسرّه لعلانيته موافقاً ؛ لأنّ الله تبارك اسمه لم يَدُلَّ على الباطن الخفيّ مِن العقل إلّا بظاهرٍ منه وناطقٍ عنه (١).
وورد عن الإمام عليّ : أكثرُ الناس معرفةً لنفسه أخوفُهم لربّه (٢).
وإذا قرّبنا وجهة النظر هذه نقول : إنّ اشتعال المصباح الكهربائيّ دليل على وجود التيّار الكهربائيّ ، ولكنّ العارف يرى من هذا المثال أسبقيّة وجود التيّار على اشتعال المصباح ، ولولا وجود التيّار لما اشتعل المصباح ، والاشتعال قائم بوجود التيّار ، وعلى فرض نزع المصباح أو إطفاء الزرّ الكهربائيّ ، فلا يعني هذا عدم وجود التيّار ، فقد قال العقلاء : عدم الوجدان لا يدلّ على عدم الوجود (٣).
٢ ـ إنّ الطريق المؤدّي إلى المعرفة الإلهيّة والمعارف الدينيّة الحقّة هو العقل ، وبه يستدلّ الإنسان على التوحيد ، وعلى وجوب شكر المنعم ، ووجوب هداية الأنام الذي قوامه وجوب أصل النبوّة ، وأحقيّة المعاد والعدل الإلهيّ وغيرها.
أمّا المعاجز التي تظهر على أيدي الرسل والأنبياء عليهم السلام فهي ليست أدلّة على وجود الله سبحانه ، ولا دليلاً على وجوب أصل النبوّة ، لأنّ هذه من المسلّمات
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١ ـ الكافي ١ : ١٨ / ح ١٢.
٢ ـ غرر الحكم : ٩٢ ، مستدرك الوسائل ١١ : ٢٣٦ / ١٢٨٤٦.
٣ ـ كما في : المعتبر للمحقّق الحلّي ١ : ٣٨٥.