وغاية هؤلاء هي نيل المطامع بما في أيدي الظالمين ، وربّما يكون نتيجة الخوف والفزع من سطواتهم وانتقامهم ، ومن مصاديق الركون كما ذكره صاحب «تفسير المنار» عن الزمخشريّ قوله : الانحطاط في هواهم ، والانقطاع إليهم ، ومصاحبتهم ومجالستهم وزيارتهم ، ومداهنتهم والرضى بأعمالهم ، والتشبّه بهم والتزيّي بزيّهم ، ومدّ العين إلى زُهرتهم ، وذكرهم بما فيه تعظيم لهم (١).
وقد وعد الله الذين يركنون إلى الظَّلَمة بمسّ النار ، قال تعالى : (وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ).
بينما أوعد المتلبّسين بالظلم من القتلة والمجرمين والعتاة بدخول النار ، قال تعالى : (وَنَقُولُ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّتِي كُنتُم بِهَا تُكَذِّبُونَ) (٢).
وربّما كان جزاؤهم بعذاب الاستئصال ، كما حصل لقوم عاد وثمود وقوم نوح وقوم لوط وغيرهم ، قال تعالى : (وَتِلْكَ الْقُرَىٰ أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِم مَّوْعِدًا) (٣) ، وقال سبحانه : (وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُم مُّغْرَقُونَ) (٤).
تَلخَّص ممّا سبق أنّ الركون إلى الظالمين هو الاقتراب منهم والميل إليهم. أمّا التلبّس بالظلم فذلك عندما يكون الإنسان عضواً فاعلاً في مجالات الظالمين وممارسة ما يناط إليه من أعمال إجراميّة ، منفّذاً لأوامرهم المخالفة للشرع ، وذلك معناه الدخول في زمرتهم ، وهو أشدّ من الركون.
يقول السيّد الطباطبائيّ في «الميزان» ما نصّه : إنّ الركون المنهيَّ عنه في الآية
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١ ـ يُنظَر : تفسير المنار ١٢ : ١٧٠ وما بعدها.
٢ ـ سبأ : ٤٢.
٣ ـ الكهف : ٥٩.
٤ ـ المؤمنون : ٢٧.