٣ ـ لو رجعنا إلى الروايات الشريفة بل الآيات القرآنية بالأولويّة ، لَوجدناها صريحة واضحة في أنّ للأعمال آثاراً وضعيّة على الكون والحياة ، والإنسان الفرد والإنسان الأمّة ، وقد ذكرنا ذلك في مبحث الآثار الوضعيّة للأعمال ، فليراجع.
قال تعالى : (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) (١) ، وقال سبحانه : (وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَّا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنكُمْ خَاصَّةً) (٢).
إنّ الفتن التي يُحْدثها بعض الأشرار والمغامرين لها آثارها السيّئة ، تعمّهم وغيرَهم ، وقد حذّرنا القرآن والسنّة من القعود والتكاسل والسكوت على الظالمين ، فقد ورد عن الإمام عليّ عليه السلام قوله : لا تتركوا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فَيُولّى عليكم شرارُكم ، ثمّ تدعون فلا يُستجاب لكم (٣).
وورد عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام : كسب الحرام يبين في الذرّية (٤).
إنّ الآثار قد تعمّ المجتمع كلّه بالذلّة والمسكنة والمجاعة ، لكنّ الظالمين أفراد محدودون ، وقد رأينا بالتجربة ما آل إليه أمر الشعوب التي تسلّط عليها القتلة والمجرمون والمبتزّون ، فقادوا شعوبهم وجيرانهم إلى الحروب والانقسامات والاقتتال وتبذير ثروات البلاد ، وإهلاك الحرث والنسل.
ويكفيك شاهداً ما حصل للأمّة الإسلاميّة التي ابتعدت عن قادتها الحقيقيّين ، فقادها ذلك إلى تجرّع غصص النكبات ، وإلى امتهان كرامتها ونفاد خيراتها ، وسلب أمنها.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١ ـ الروم : ٤١.
٢ ـ الأنفال : ٢٥.
٣ ـ نهج البلاغة : الكتاب ٤٧ وصيّته عليه السلام بعد ضربة ابن ملجَم لعنه الله.
٤ ـ الكافي ٥ : ١٢٥ / ح ٤.