دواةً ، وربط لهم كيساً ، أومَدَّ لهم مدّةَ قلم (١) ، فاحشروهم معهم (٢).
وقال صلى الله عليه وآله : أفضل التابعين من أُمّتي من لا يقرب أبواب السلطان (٣).
وعنه صلى الله عليه وآله : الفقهاء أُمناء الرسل ما لم يدخلوا في الدنيا ، قيل : يا رسول الله ، وما دخولهم في الدنيا؟ قال : اتِّباع السلطان ، فإذا فعلوا ذلك فاحذَرُوهم على دِينِكم (٤).
نرجو من القارئ العزيز الرجوع إلى «نهج البلاغة» ليرى كيف كان أمير المؤمنين عليه السلام الرجلَ الصادق الذي يترجم عظمة الإسلام ، والقمّة الشامخة والاُسوة الحسنة لكلّ ذي سلطان ، وأرجو قراءة عهده الميمون إلى عامله مالك الأشتر حين ولّاه مصر ، وقد شرح هذا السفر الخالد الأستاذ توفيق الفكيكيّ النجفيّ المحامي رحمه الله ، فإنّك ستجد العجب العجاب في عظمة هذا العهد العلويّ وشموليّته.
وقد ورد عن أمير المؤمنين عليه السلام باعتباره القدوة العليا للحاكم الإسلاميّ قوله : إنّ الله جعلني إماماً لخلقه ، ففرض عَليَّ التقديرَ في نفسي ومطعمي ومشربي وملبسي كضُعفاءِ الناس ، كي يقتديَ الفقير بفقري ، ولا يُطغيَ الغنيَّ غِناه (٥).
وقال عاصم بن زياد لعليّ عليه السلام : يا أمير المؤمنين ، فَعَلامَ اقتصرتَ في مطعمك على الجُشُوبة ، وفي ملبسك على الخُشونة؟ فقال عليه السلام : وَيْحك ، إنّ الله عزّ وجلّ فرض على أئمّة العدل أن يقدّروا أنفسهم بِضَعَفة الناس ؛ كي لا يَتَبَيَّغَ بالفقير فَقْرُه (٦). ويتبيغ : يهيج ، يثور.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١ ـ المَدّة : استمدادك من الدواة مدَّةً واحدة. [ترتيب جمهرة اللغة ٣ : ٣٢٤ «مدد»].
٢ ـ ثواب الأعمال : ٢٦٠.
٣ ـ النوادر للراوندي : ١٥٩ ، بحار الأنوار ٧٢ : ٣٨٠ / ح ٤١.
٤ ـ الكافي ١ : ٤٦ / ح ٥.
٥ ـ نفسه ١ : ٤١٠ / ح ١.
٦ ـ نفسه ١ : ٤١١ / ح ٣.