سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا) (١) ، وعَجِبتُ لمن أراد الدنيا وزينتها كيف لا يفزع إلى قوله : (مَا شَاءَ اللَّـهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّـهِ) ، فإنّي سمعتُ الله عزّ وجلّ يقول بعقبها : (إِن تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنكَ مَالًا وَوَلَدًا * فَعَسَىٰ رَبِّي أَن يُؤْتِيَنِ خَيْرًا مِّن جَنَّتِكَ) (٢) ، وعسى واجبة (٣).
والذكر يتجسّم في الآخرة : إمّا على نحو الحقيقة ، وإمّا على نحو المجاز ، فيكون مشاهدَ أخروية خلّابة ، ونعماً وفيوضاتٍ ومواهبَ ورحمات ، تأنس لها النفوس ، وتستقرّ لها الأرواح.
قال النبيّ صلى الله عليه وآله : مَن قال : سبحان الله ، غرس الله له بها شجرة في الجنّة ، ومَن قال : الحمد لله ، غرس الله له بها شجرةً في الجنة ، ومَن قال : لا إله إلّا الله ، غرس الله له بها شجرةً في الجنة ، ومن قال : الله أكبر ، غرس الله له بها شجرة في الجنّة فقال رجل من قريش : يا رسول الله ، إنّ شجرنا في الجنّة لكثير ، فقال النبيّ صلى الله عليه وآله : نعم ، ولكن إيّاكم أن ترسلوا عليها نيراناً فتحرقوها ، وذلك إنّ الله تعالى يقول : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّـهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ) (٤) ، (٥).
وأختتم هذا المبحث بمناجاة الذاكرين للإمام زين العابدين عليّ بن الحسين عليه السلام : إلهي لولا الواجبُ مِن قَبول أمرِك لَنزّهتُك عن ذِكْري إيّاك ، على أنّ ذِكْري لك بقَدْري لا بقَدْرك ، وما عسى أن يَبلُغَ مِقْداري حتّى أُجعلَ مَحَلّاً لتقديسك ، ومِن أعظمِ النِّعمِ علينا جَرَيانُ ذِكرِك على ألسنتِنا ، وإذْنُك لنا بِدُعائِك
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١ ـ غافر : ٤٤ ـ ٤٥.
٢ ـ الكهف : ٣٩ ـ ٤٠.
٣ ـ الأمالي للصدوق : ١٥ / ح ٢ ـ المجلس الثاني.
٤ ـ محمّد صلى الله عليه وآله : ٣٣.
٥ ـ الأمالي للصدوق : ٤٨٦ / ح ١٦ ، المجلس ٨٨.