وقد حذّرنا أئمّة الهدى من الانشداد إلى الدنيا وزخارفها ، وأسباب البقاء ، واتّباع الشهوات ، فإنّ ذلك كلّه ينسي الآخرة ، فقد ورد عن الإمام الصادق عليه السلام قوله : أوحى الله عزّ وجلّ إلى موسى عليه السلام : يا موسى ، لا تفرح بكثرة المال ، ولا تَدَعْ ذكري على كلّ حال ، فإنّ كثرة المال تنسي الذنوب ، وإنّ ترك ذكري يقسّي القلوب (١).
يا موسى ، أكثر ذِكْري بالليل والنهار ، وكن عند ذكري خاشعاً ، وعند بلائي صابراً ، واطمئنَّ عند ذكري ، واعبدني ولا تشرك بي شيئاً ، إليَّ المصير. يا موسى اجعَلْني ذخرك ، وضَعْ عندي كنزك من الباقيات الصالحات (٢).
وقال النبيّ صلى الله عليه وآله : مَن أُعطيَ لساناً ذاكراً ، فقد أُعطيَ خير الدنيا والآخرة (٣). وقال الإمام الصادق عليه السلام : إنّ الصاعقة تصيب المؤمنَ والكافر ، ولا تصيب ذاكراً (٤).
وعن محمّد بن حمران عن الصادق عليه السلام قال : عَجِبتُ لمَن فزع من أربع كيف لا يفزع إلى أربع : عجبتُ لمن خاف كيف لا يفزع إلى قوله : (حَسْبُنَا اللَّـهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ) ، فإنّي سمعتُ الله عزّ وجلّ يقول بعقبها : (فَانقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللَّـهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ) (٥) ، وعجبتُ لمن اغتمّ كيف لا يفزع إلى قوله : (لَّا إِلَـٰهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ) ، فإنّي سمعتُ الله عزّ وجلّ يقول بعقبها : (وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَٰلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ) (٦) ، وعجبتُ لمن مُكِرَ به كيف لا يفزع إلى قوله : (وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّـهِ إِنَّ اللَّـهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ) ، فإنّي سمعتُ الله عزّ وجلّ يقول بعقبها : (فَوَقَاهُ اللَّـهُ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١ ـ نفسه ٢ : ٤٩٧ / ح ٧.
٢ ـ نفسه ٢ : ٤٩٧ / ح ٩.
٣ ـ نفسه ٢ : ٤٩٩ / ح ١.
٤ ـ من لا يحضره الفقيه ١ : ٥٤٤ / ح ١٥١٨.
٥ ـ آل عمران : ١٧٣ ـ ١٧٤.
٦ ـ الأنبياء : ٨٧ ـ ٨٨.