وأقربَ إلى ساحة الربوبية المقدّسة.
والدعاء مسألة فطرية وغريزية حيث إنّ المحتاج لابدّ أن يتوجّه إلى الطلق القدير لسدّ نقصه وقضاء حوائجه ، ولمّا كان الإنسان محتاجاً حُدوثاً وبقاءً كان عليه أن يتوجّه إلى ربّه بالدعاء على كل حال ، وفي كلّ وقت.
في «عدّة الداعي» : قال رسول الله صلى الله عليه وآله لأبي ذرّ : يا أبا ذر ، ألا أُعلّمك كلماتٍ ينفعك الله عزّ وجلّ بعنّ؟
قلت : بلى يا رسول الله ، قال صلى الله عليه وآله : إحفَظِ اللهَ يَحْفَظْك الله ، واحفَظِ اللهَ تَجدْه أمامك ، تعرّف إلى الله في الرخاء يَعرفْك في الشدّة ، وإذا سألت فاسألِ الله ، وإذا استعنتَ فاستعن بالله ، فقد جرى القلم بما هو كائن إلى يوم القيامة ، ولو أنّ الخلق كلَّهم جَهِدوا على أن ينفعوك بما لم يكتبه الله لك ما قَدِروا عليه (١).
وممارسة الدعاء تخلق الأجواء التربوية التي تصقل مواهب الفرد ، وتنمّي معارفه بالله ، وتزرع مبادئ الأخلاق في نفسه ، وتقوده من عالم الكِبْر والجبروت والطغيان إلى رحاب الهدوء النفسي والطمأنينة ، والشعور بالذلّ والافتقار إلى رَبِّ الأرباب ومَلك الملوك ، وهذا له كبير الأثر على مسيرته وتعامله مع الكون والحياة والناس.
والدعاء المستجاب له تأثير في مجريات الأحداث والتقديرات الإلهيّة وفق سنن الأسباب المرسومة مِن قِبله تعالى ، وهذه التغيّرات في القضايا المقدّرة من قبله سبحانه لا تتمّ إلّا بإذنه وإرادته سبحانه وتعالى ، فقد ورد عن أبي الحسن عليه السلام أنّه قال : كان عليّ بن الحسين عليهما السلام يقول : إنّ الدعاء يدفع البلاءَ النازلَ وما لم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١ ـ عدّة الداعي : ١٢١ و١٦٨.