قال السيّد الطباطبائيّ قدس سره : القيوم على «وزن» فَيْعُول وصف يدلّ على «صيغة» المبالغة ، والقيام هو حفظ الشيء ، وفعله وتدبيره ، وتربيته والمراقبة عليه والقدرة عليه. كلّ ذلك مأخوذ من القيام بمعنى الانتصاب ؛ للملازمة العادية بين الانتصاب وبين كلّ منها.
وقد أثبت الله تعالى أصل القيام بأمور خَلْقه لنفسه في كلامه حيث قال تبارك وتعالى : (أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَىٰ كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ) (١). وقال تعالى وهو أشمل من الآية السابقة : (شَهِدَ اللَّـهُ أَنَّهُ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (٢).
فأفاد أنّه قائم على الموجودات بالعدل ، فلا يُعطي ولا يمنع شيئاً في الوجود إلّا بالعدل ، بإعطاء كلّ شيء ما يستحقّه. ثم بيّن أنّ هذا القيام بالعدل مقتضى اسمَيهِ الكريمَين : العزيز والحكيم ، فبعزّته يقوم كلّ شيء ، وبحكمته يعدل فيه (٣).
تبيّن ممّا ذكرنا أنّ الموجودات كلّها قائمة به وجوداً وبقاءً ، غير مستغنية عنه ، وليس لها استقلاليّة في حركتها وديمومتها ، وقيمومة الله على الموجودات تعني : الخالقيّة والرازقيّة ، والمبدأ والمعاد ، والحياة والموت ، والرحمة وغيرها من الصفات الإضافيّة ، أما هو سبحانه فهو القائم بذاته ، والمستغني عن غيره ، وإنّما يقوم غيرُه بالله جلّ وعلا.
والحمد لله ربّ العالمين ، وصلّى الله على محمّد وآله الطاهرين المعصومين.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١ ـ الرعد : ٣٣.
٢ ـ آل عمران : ١٨.
٣ ـ تفسير الميزان ٢ : ٣٣٠ ـ ٣٣١.