ويتّسع فيكون وسيلة لسعادة المرء في الدارين ، وخير البركة ما يكون طريقاً إلى نيل مرضاة الله والقرب منه.
إنّ الإرادة الإلهيّة سبب يقع في طول الأسباب الاعتيادية لتحقيق البركة ، فتبقى سُنّة الأسباب القائمة على العمل والكدح والمحافظة على ما منَحَنا الله عزّ وجلّ إيّاه من مواهب وفيوضات.
ويحدّثنا الواقع والتاريخ عن بركة الوقت وفق سنّة الأسباب ، وكيف حلّت البركة في أعمار بعض الأعلام من الفقهاء والعلماء.
وقد وصف سبحانه القرآن النازل على نبيّه الأكرم بالبركة حيث قال : (وَهَـٰذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ مُّصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلِتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَىٰ وَمَنْ حَوْلَهَا) (١).
وقد ذكرنا أنَّ إنزال الكتب والشرايع من لوازم الإلوهيّة ، والإلوهيّة من لوازم الربوبيّة.
يقول السيّد الطباطبائيّ قدس سره : إنّ الأوصاف المذكورة للكتاب بقوله : مبارك مصدّق ... إلى آخره ، بمنزلة الأدلّة على كونه نازلاً من الله وليست بأدلّة ، فمِن أمارات أنّه منزل من عند الله أنّه مبارك أودَعَ الله فيه البركة والخير الكثير ، يهدي الناس للتي هي أقوم ، يهدي به اللهُ مَن اتّبع رضوانه سُبلَ السلام ، ينتفع به الناس في دنياهم باجتماع شملهم ، وقوّة جمعهم ، ووحدة كلمتهم ، وزوال الشحّ من نفوسهم والضغائن من قلوبهم ، وفشوّ الأمن والسلام ، ورغد عيشهم ، وطيب حياتهم ، وانجلاء الجهل وكلّ رذيلة عن ساحتهم ، واستظلالهم بمظلّة سعادتهم ، وينتفعون به في أخراهم بالأجر العظيم ، والنعيم المقيم (٢).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١ ـ الأنعام : ٩٢.
٢ ـ تفسير الميزان ٧ : ٢٧٩.