كنتُ فعلتُ لقد ظُلم يوسف فغفر ، وابتُلي أيّوب فصبر ، وأُعطي سليمان فشكر ، فهؤلاء أنبياء الله ، وإليهم يرجع نسبك.
فقال له المنصور : أجل ، إرتفعْ هاهنا ، فارتفع فقال له : فلان بن فلان أخبرني عنك بما ذكرت.
فقال عليه السلام : احضره يا أمير المؤمنين ليوافقني على ذلك. فأحضر الرجل المذكور فقال له المنصور : أنت سمعت ما حكيت عن جعفر؟ قال : نعم ، فقال له أبو عبد الله عليه السلام : فاستَحْلِفْه على ذلك ، فقال له المنصور : أتحلف؟ قال : نعم فابتدأ باليمين.
فقال أبو عبد الله عليه السلام : دعني يا أمير المؤمنين أُحلّفه أنا.
فقال له : افعل ، فقال أبو عبد الله عليه السلام للساعي : قل : بَرِئتُ من حولِ الله وقوّته والتجأتُ إلى حولي وقوّتي ، لقد فعل كذا وكذا جعفر ، فامتنع هُنيئةً ثمّ حلف بها ، فما برح حتّى اضطرب برجله.
فقال المنصور : جرّوا برجله ، فأخرجوه لعنه الله.
قال الربيع : وكنت رأيت جعفر بن محمّد حين دخل على المنصور يحرّك شفتيه ، فكلّما حرّكهما سكن غضب المنصور حتّى أدناه منه ورضي عنه ، فلمّا خرج أبو عبد الله عليه السلام من عند المنصور تبعته فقلت له : إنّ هذا الرجل كان أشدّ الناس غضباً عليك ، فلمّا دخلت عليه وحرّكت شفتيك سكن غضبه ، فبأيّ شيءٍ كنتَ تُحرّكهما؟ قال عليه السلام : بدعاء جدّي الحسين بن عليّ عليه السلام.
فقلت : جُعلت فداك ، وما هذا الدعاء؟ قال عليه السلام : يا عدّتي في شدّتي ، ويا غوقي عند كربتي ، احرسني بعينك التي لا تنام ، واكنُفْني بركنك الذي لا يُرام. قال الربيع : فحفظت هذا الدعاء ، فما نزَلَت بي شدّة قطّ فدعوت به إلّا فرّج الله عنّي ،