أمّا العقل الفطريّ فقد جعله الله حجّة باطنيّة على الإنسان ، في الوقت الذي جعل الرسل والأنبياء حجّة خارجيّة عليه ، وبذلك تكون الحجّة البالغة لله على الإنسان.
يدلّ على ذلك ما ورد عن محمّد بن مسلم ، عن أبي جعفر الباقر عليه السلام قال : لمّا خلق الله العقل استنطقه ثمّ قال له : أققبِلْ ، فأقبل ، ثمّ قال له : أدبِرْ ، فأدبر ، ثمّ قال : وعزّتي وجلالي ، ما خلقتُ خلقاً هو أحبُّ إليّ منك ، ولا أكملتُك إلّا فيمن أُحبّ ، أما إنّي إيّاك آمر وإيّاك أنهى ، وإيّاك أعاقب وإيّاك أُثيب (١).
وعن الأصبغ بن نباتة عن الإمام عليّ عليه السلام قال : هبط جبرئيل عليه السلام على آدم عليه السلام فقال : يا آدم ، إنّي أُمرت أن أُخيّرك واحدةً من ثلاث ، فاختَرْها وَدعِ اثنتين ، فقال له آدم عليه السلام : يا جبرئيل ، وما الثلاث؟ فقال : العقل والحياء والدين ، فقال آدم عليه السلام : إني قد اخترت العقل ، فقال جبرئيل للحياء والدين : إنصرِفا ودَعاه ، فقالا : يا جبرئيل ، إنّا أُمرنا أن نكون مع العقل حيث كان (٢).
وعن الإمام الصادق عليه السلام قال معرِّفاً العقل : ما عُبِد به الرحمن ، واكتُسِب به الجنان (٣). من كان عاقلاً كان له دين ، ومن كان له دين دخل الجنّة (٤). وعن الإمام الكاظم عليه السلام قال : يا هشام ، إنّ الله تبارك وتعالى أكمَلَ للناس الحَججَ بالعقول ، ونصر النبيّين بالبيان ، ودَلَّهم على ربوبيّته بالأدلّة (٥).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١ ـ الكافي ١ : ١٠ / ح ١.
٢ ـ نفسه ١ : ١٠ / ح ٢.
٣ ـ نفسه ١ : ١١ / ح ٣.
٤ ـ نفسه ١ : ١١ / ح ٦.
٥ ـ نفسه ١ : ١٣ / ح ١٢.