[٥٩١] فإن قيل : كيف قال تعالى : (وَلا تَقْرَبُوا الزِّنى) [الإسراء : ٣٢] ولم يقل ولا تزنوا؟
قلنا : لو قال ولا تزنوا كان نهيا عن الزنا لا عن مقدماته كاللمس والمعانقة والقبلة ونحو ذلك ، ولما قال : (وَلا تَقْرَبُوا) كان نهيا عنه وعن مقدماته ، لأن فعل المقدمات قربان للزنا.
[٥٩٢] فإن قيل : الإشارة بقوله تعالى : (كُلُّ ذلِكَ كانَ سَيِّئُهُ) [الإسراء : ٣٨] على ما ذا تعود؟
قلنا : الإشارة إلى كل ما هو منهي عنه من جميع ما ذكر من قوله تعالى : (وَقَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ) [الإسراء : ٢٣] إلى هذه الآية ؛ لا إلى جميع ما ذكر فإن فيه حسنا وسيئا.
وقال أبو علي : هو إشارة إلى قوله : (وَلا تَقْفُ) [الإسراء : ٣٦] وما بعده ؛ لأنه لا حسن فيه.
[٥٩٣] فإن قيل : كيف قال تعالى : (تُسَبِّحُ لَهُ السَّماواتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَ) [الإسراء : ٤٤] فقوله ومن فيهن يتناول أهل الأرضين كلهم ، والمراد به العموم كما هو مقتضى الصيغة بدليل تأكيده بقوله تعالى بعده (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ) [الإسراء : ٤٤] والتسبيح هو التنزيه عن كل ما لا يليق بصفات جلاله وكماله ، والكفار يضيفون إليه الزوج والولد والشريك وغير ذلك ، فأين تسبيحهم؟
قلنا : الضمير في قوله تعالى : (وَمَنْ فِيهِنَ) راجع إلى السموات فقط.
الثاني : أنه راجع إلى السموات والأرض ، والمراد بقوله تعالى : (وَمَنْ فِيهِنَ) يعني من المؤمنين ، فيكون عاما أريد به الخاص ، وعلى هذا يكون المراد بالتسبيح إلى من فيهن التسبيح بلسان المقال.
الثالث : أن المراد به التسبيح بلسان الحال حيث تدل على وجود الصانع وعظيم قدرته ونهاية حكمته ، فكأنها تنطق بذلك وتنزهه عما لا يجوز عليه وما لا يليق به من السوء ، ويؤيده قوله تعالى بعده (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ) والتسبيح العام لجميع الموجودات إنّما هو التسبيح بلسان الحال.
[٥٩٤] فإن قيل : لو كان المراد هو التسبيح بلسان الحال لما قال : (وَلكِنْ لا
__________________
[٥٩٤] ـ جواب المصنف هنا ضعيف ؛ بل بعيد. وأقل ما فيه ـ من وجوه الإشكال ـ أنّ دعواه تخصيص الخطاب بالكفار لا سند لها من لسان الآية ، وهو تخصيص بلا مخصّص. ثم هو حمل للظاهر على غير معناه ، بلا قرينة.