تعتبر من بين القواعد المسلّمة في أساليب اللغة العربية ، لأن أي متكلم قد يجري في أسلوبه على إصدار القاعدة من دون قيود لتكون أساسا عاما يرجع إليه في حالات الشك ، ثمّ يتبعها بالاستثناءات في أدلة مستقلة لتكون دليلا على التقييد. ولكن هذا لا يجري في الحالات التي تدخل في نطاق الضوابط العامة التي يراد منها التحديد المطلق من أجل إعطاء المفاهيم الأساسية العامة ، فقد يدخل ذلك في سياق العموميات أو المطلقات الآبية عن التخصيص أو التقييد ـ كما يقول الأصوليون ـ ولا سيما في أمثال هذه القضايا التي يشعر معها الإنسان ، بأن المفهوم المطروح في الآية ينسجم مع طبيعة العلاقة التي تربط الله بعباده حيث لا أساس لأيّ شيء ذاتي في هذا المجال ، لما ذكرناه من تساوي الخلق أمام الله في كل الامتيازات المتوهمة ، فلا يبقى إلا العمل المستند إلى الإيمان.
أما حديث المغفرة في غير حالة الإشراك بالله ، فهذا لا يدخل في نطاق حديثنا ، لأن حديثنا يرتكز على أساس الاستحقاق. أمّا المغفرة وعدمها ، فإنها تدخل في نطاق التنفيذ ، فقد أخذ الله على نفسه ـ برحمته ولطفه ـ أن يعفو عن المذنبين الذين يستحقون دخول النار أو الخلود فيها ، وذلك بلحاظ بعض الأعمال أو النيّات التي تجعل الإنسان موضعا لرحمة الله.
وخلاصة الحديث ، أن من الضروري التركيز على هذا المقياس في الثواب والعقاب في التربية الإسلامية للمؤمنين ، ليكون ذلك حافزا لهم على تنمية الإيمان والعمل في حياتهم ، ليتقربوا بذلك إلى الله طمعا في نيل رضاه ، ولا يستسلموا للامتيازات الطارئة ، بحيث يتركون العمل ، أو يتهاونون فيه اعتمادا على ما يخيّل إليهم من أسباب الأمان.
* * *