يدعون إلى الإسلام في عقيدته وشريعته ، فيبادرون إلى طرح الدعوات المنحرفة التي تلبس لبوس الكفر تارة ولبوس الإسلام أخرى ، ويقولون إننا نؤمن بما لدينا من مبادئ وأفكار ، من دون أن يكلفوا أنفسهم الدخول في حوار جدي في ما يقدّم إليهم من أفكار الإسلام ومفاهيمه ، ليتعرفوا من ذلك كيف يستطيع الإسلام أن يحقق لهم الشعارات التي يرفعونها بأفضل صورة وأروع أسلوب. إنها الصورة نفسها التي يقدمها القرآن لهؤلاء الذين يقولون : (نُؤْمِنُ بِما أُنْزِلَ عَلَيْنا وَيَكْفُرُونَ بِما وَراءَهُ وَهُوَ الْحَقُ) مع تبديل في المواقع وفي تفاصيل المنظر.
إنّ قيمة التاريخ القرآني تتمثّل في ما يقدّمه لنا من نماذج حيّة متحركة لا تتجمد في زوايا التاريخ ، بل تظلّ تحمل للحاضر والمستقبل الغنى والامتداد في ما يواجهه الإنسان في مراحل تطوّره من مظاهر الانحراف والاستقامة والكفر والإيمان ... وتلك هي مهمّة القارئ للقرآن والدارس له ؛ أن لا يظل يدور حول الصورة القرآنية للإنسان في خطوات التاريخ ، بل يحاول أن يرصد من خلالها الصور القادمة في حركة المستقبل ، ليعطي الحياة للآية في وعيه وفي وعي الآخرين.
* * *