وأولادهم ، وذلك هو الضلال الكبير.
* * *
(وَلَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكَ آياتٍ بَيِّناتٍ) في هذا القرآن الذي بين يديك ، في وضوح الفكرة فيها ، وعمق الحجّة التي تؤدي إلى الالتزام بالإيمان ، (وَما يَكْفُرُ بِها إِلَّا الْفاسِقُونَ) الذين يتحركون في الحياة من خلال ذهنية التمرد على الله في سلوكهم العملي ، الأمر الذي يصل بهم إلى الكفر ، لأن الإيمان يفرض عليهم الالتزام الدقيق بالمضمون الواسع للتوحيد في حركة الواقع ، فيكفرون هربا من الالتزام من غير عقدة فكرية تفرض عليهم ذلك ؛ ومن هنا نفهم أن الكفر قد يكون نتيجة الفسق كعنصر سلبي من عناصر شخصية الكافرين.
(أَوَكُلَّما عاهَدُوا عَهْداً) في ما عاهدوا الله عليه ، أو في ما أبرموه مع الأنبياء أو مع الناس ، (نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ) وطرحوه انطلاقا من فقدانهم للقاعدة الروحية الأخلاقية التي تدعو الإنسان إلى الالتزام بعهوده ، كمظهر من مظاهر التوازن في الشخصية والاحترام للذات والآخرين ، لأن الذي ينقض عهده ويتنكر لكلمته هو إنسان لا يحترم نفسه في التزاماتها ولا يحترم الآخرين في علاقته بهم. (بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) فليست القضية في الانحراف لديهم حالة جزئية محدودة ، بل هي ظاهرة بارزة في مجتمعهم في حجم الأكثرية الرافضة للإيمان والمؤثرة سلبا على التزامات الإنسان في عهوده. (وَلَمَّا جاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللهِ) وهو محمد صلىاللهعليهوآله ، (مُصَدِّقٌ لِما مَعَهُمْ) من التوراة في مفاهيمه وشرائعه (نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ) وهم الأكثرية ، كتأكيد لما ورد في الآية السابقة ، (كِتابَ اللهِ وَراءَ ظُهُورِهِمْ) فلم يؤمنوا به ولم يدخلوا مع النبي في حوار حوله ، ليتعرفوا بذلك الدلائل الواضحة على صدقه ، (كَأَنَّهُمْ لا